أساليب العرب والأعراب في الدعاء على الإنسان دراسة في ضوء علم اللغة الاجتماعي [الحلقة الثانية].. بقلم أ.د/ فاطمة رجب
أستاذة أصول اللغة ووكيلة كلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات بالقاهرة

ثانيا ـ علم اللغة الاجتماعي وعلم الاجتماع اللغوي :
ـ علم اللغة الاجتماعي
إذا كان علم اللغة هو : ” الدراسة العلمية للغة واللغات “[1]
فإن علم اللغة الاجتماعي وهو فرع من فروع علم اللغة يعني : ” دراسة اللغة في علاقتها بالمجتمع “[2]
أو هو بصورة أخرى ” ذلك العلم الذي يدرس اللغة في علاقاتها بالمجتمع، إنه ينتظم كل جوانب بنية اللغة ، وطرائق استعمالها التي ترتبط بوظائفها الاجتماعية والثقافية “[3]
ويرى د/ تمام حسان أن ” الوصول إلى هذا المعنى الاجتماعي يتم بطريق التحليل الدقيق للملابسات المصاحبة للنطق “[4]
لذلك كان كل “اهتمام علم اللغة الاجتماعي بالتبدلات الاجتماعية للغة في صلتها بالمتكلمين من حيث : السن والجنس والفئة الاجتماعية والمستوى المهني والمستوى التعليمى … فنحن أمام إطار نظري يعيننا من جهة على تحليل العلاقة القائمة بين اللغة والممارسات الاجتماعية … ومن جهة أخرى على تفسير الوظيفة الاجتماعية للغة “[5]
ومعنى هذا أن دارس اللغة في ضوء علم اللغة الاجتماعي عليه أن يعرف قائل النص اللغوي ، والشخص المقول له ، وصلته بالقائل ، والموقف الذي قيل فيه النص إلى آخر الملابسات المصاحبة للنص المدروس .
ولذلك فإن دارس اللغة عليه أن يعي تماما ” أن دراسة الكلام دون الرجوع إلى المجتمع الذي يتحدث به هو استبعاد لاحتمالات وجود تفسيرات اجتماعية للأبنية والصيغ في الكلام”[6]
إذن على دارس اللغة أن يعرف كل ما يستطيع معرفته عن الجماعة الكلامية التى تتعامل باللغة التي يقوم بدراستها ؛ لأن ” الميدان الصحيح لعلم اللغة هو دراسة ما يقوله الناس ، وما يسمعونه وسط المحيط والتجارب التي يعملون فيها الأشياء “[7]
من كل ما سبق يتبين أن أي دارس للغة إذا أراد أن يدرسها دراسة علمية سليمة للوصول إلى فهمها ، وطرق تطورها فإنه لا يستطيع ذلك ” بمعزل عن حركة المجتمع الناطق بها في الزمان والمكان المعينين ؛ لأن فيها من الإنسان فكره وطرائقه الذهنية ، وفيها من العالم الخارجي تنوعه وألوانه “[8]
ـ علم الاجتماع اللغوي :
قصد علماء اللغة من هذا الفرع وظيفة معينة هي : ” دراسة اللغة كوثيقة هامة للغاية لتفسيرالظواهر الاجتماعية كما تصورها اللغة “[9]
فإن كان العلماء في علم اللغة الاجتماعي يفهمون اللغة من خلال الظواهر الاجتماعية، فإن العلماء في علم الاجتماع اللغوي ” يدرسون المجتمع والظواهر الاجتماعية، وينشدون من اللغة أن تكون وثيقة توضح ما كان عليه المجتمع ، وعلى ذلك فالعلاقة جد وثيقة بينهما ، وإن اختلفت المقاصد مما جعل أكثر العلماء يطلقون على دراسة اللغة من منطلق اجتماعي ، أو دراسة المجتمع من منطلق لغوي مصطلحا واحدا “[10]
وسوف يقوم هذا البحث بدراسة أساليب العرب والأعراب في الدعاء على الإنسان في ضوء علم اللغة الاجتماعي مما يعني أن هذا البحث سوف يدرس ” اللغة الإنسانية الطبيعية باعتبارها أداة تواصلية داخل المجتمع ، ضمن شبكة من العلاقات التواصلية التي ينخرط فيها الفرد بشكل عفوي وإرادي مع الأشخاص المحيطين به في مستويات ووضعيات مختلفة ، وتصبح اللغة بهذا المعنى أداة تواصلية اجتماعية ، لا تكتفي بتمرير خطاب معين ، بل هي جزء من هذا الخطاب ، بل هي خطاب “[11]
مما يبين أن ” اللسانيات الاجتماعية تدرس العلاقات القائمة بين اللغة والأفراد من جهة ، وبينهما وبين المعطيات الاجتماعية ، كأن تدرس العلاقة ما بين اختيار الفرد لنمط محدد من الاتصال والوضعية الاجتماعية التي يوجد فيها الفرد “[12]
======================
[1] ـ أسس علم اللغة ، مريوباي ، ترجمة د/ أحمد مختار عمر ص 29 { عالم الكتب . ط. الثامنة 1419هـ ـ 1998م }
[2] ـ علم اللغة الاجتماعي د/ هدسون ترجمة د/ محمود عياد ص 11
[3] ـ علم اللغة الاجتماعي مدخل د/ كمال بشر ص 37 { دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع ( د. ت ) } .
[4] ـ مقالات في اللغة والأدب ج 1 ص 330 { عالم الكتب . ط . الأولى 1427هـ ـ 2006م }
[5] ـ علم اللغة الاجتماعي مدخل نظري د/ عبد الكريم بوفرة ص 5
[6] ـ علم اللغة الاجتماعي د/ هدسون ص 16
[7] ـ علم اللغة الاجتماعي عند العرب د/ هادي نهر ص 17 { دار الغصون ـ بيروت . لبنان . ط. الأولى 1408 هـ ـ 1988م } .
[8] ـ السابق ص 18
[9] ـ من أسس علم اللغة د/ محمد يوسف حبلص ص 137 { 1406هـ ـ 1986 م }
[10] ـ السابق ص 137
[11] ـ علم اللغة الاجتماعي مدخل نظري د/ عبد الكريم بوفرة ص 3
[12] ـ محاضرات في اللسانيات الاجتماعية د/ لطفي بوقربة ص 2 { الجمهورية الجزائرية ، جامعة بشار ، 2003م }