Site icon كُنُوز الْعَرَبِيَّة

لمحة عن نظرية الحقول الدلالية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

وبعد،،

فالحقول الدلالية هي إحدى نظريات تحليل المعنى، وأكثرها شيوعًا بين دارسي دلالة المعاني، ويتضح هذا الشيوع من خلال الكم الكبير من الأبحاث التي أُجريت معتمدة على تلك النظرية.

ويرى بعض العلماء أن هذه النظرية لم تتبلور إلا في العشرينات والثلاثينات من القرن العشرين على أيدي علماء سويسريين وألمان، وكان من أهم تطبيقاتها المبكرة دراسة Trier  للألفاظ الفكرية في اللغة الألمانية الوسيطة.([1])

في حين أننا “لا يمكن لنا التسليم بذلك، ونحن نجد تراثنا العربي ينطوي على جهود علمية مرموقة تصب في صلب الحقول الدلالية، وقد تمثل ذلك – فيما تمثل – في كتب المعاني والصفات، والتي رأسها كتاب أبي عبيد القاسم بن سلام224ه (الغريب المصنف)، وكتاب (الألفاظ) لابن السكيت، و(أدب الكاتب) لابن قتيبة267ه، و(الألفاظ الكتابية) للهمذاني.”([2]) وغيرها من المصنفات خصوصا (المخصص) لابن سيده الذي يعد من أكثر المؤلفات العربية التي تبلورت فيها فكرة الحقول، ومثَّلتها تطبيقيًّا.

ويعرَّف ” الحقل الدلالي Semantic Field  أو الحقل المعجمي Lexical Field بأنه مجموعة من الكلمات ترتبط دلالتها، وتوضع عادة تحت لفظ عام يجمعها، مثال ذلك كلمات الألوان في اللغة العربية.”([3])

وقد اجتهد العلماء في وضع تصنيفات تضم معظم المفاهيم إن لم يكن جميعها،  لكن “لعل أشمل التصنيفات التي قدمت حتى الآن وأكثرها منطقية التصنيف الذي اقترحه معجم Greek New Testament، ويقوم على الأقسام الأربعة الرئيسة: الموجودات entities، الأحداث events، المجردات abstracts، العلاقات relations .

وتحت كل قسم نجد أقساما أصغر. ثم يقسم كل قسم إلى أقسام فرعية.. وهكذا.”([4])

وبهذه الطريقة يمكن التعرف على دلالة اللفظ من خلال علاقاته بالحقل الدلالي الذي يضمه من جهة، وبالكلمات التي يجمعها وإياه حقل دلالي واحد.

([1]) علم الدلالة (82 بتصرف) د.أحمد مختار عمر. عالم الكتب، ط خامسة 1998م.

([2]) علم اللغة التطبيقي في التراث العربي (566)، د. هادي نهر، دار الأمل للنشر والتوزيع بالأردن، ط أولى1427ه-2007م.

([3]) علم الدلالة (79)

([4]) السابق (87).