Site icon كُنُوز الْعَرَبِيَّة

المجاز بين حقائق العلم ودعاوى السلفية المعاصرة.. بقلم أ.د/ محمود مخلوف

      تلبّدت سماء الدعوة الإسلامية بغيوم كثيفة مصطنعة حول بعض المسلمات التي لم يكن يناقش فيها منذ عقود ؛ لسطوع حقيقتها، ورسوخ قواعدها، وإجماع الأئمة المختصين من أهل العلم عليها .

 ولا يخفى على صاحب عقل أن هذه النقاشات الصاخبة المفتعلة لا خير فيها، ولا يرتجى منها نفع للمسلمين، أفراداً وجماعات، وإنما هى مكائد صنعت بتدبير محكم من أعدائهم وخصومهم ، ينفذها جحافل الدعاة من السلفية المعاصرة ، بتعصب وحماس شديدين ، ظناً منهم أنهم يخدمون الإسلام والمسلمين وعقائدهم وآدابهم .

     ولو علموا :  أن ما يتفانون فيه إنما هو من برامج محو الإسلام، وتخريب ديار المسلمين، ببث الفرقة والتناحر بين طوائفهم الدعوية والسياسية والاجتماعية.

      تقرأ وتسمع ضجيجاً حول قضايا مفتعلة ، لم تكن على ساحة الدعوة ، ولكن القوم نفخوا فيها ، وسعّروا لهيبها عن طريق خطب الجمعة ، والمحاضرات العامة ، والندوات الدينية ، تلك الأعمال المبثوثة بكثافة واتساع ، على وسائل الإعلام العامة والخاصة ، وعلى برامج التواصل ، وفيها مغالطات لا ينخدع بها من حصّل أدنى درجات القراءة الواعية حول الموضوع ..

    من هذا : ما دار حول حقيقة ” المجاز في العربية والقرآن “من لغط واسع ، سيما وأنه قد بنيت على إنكاره تجاوزات علمية ودعوية خطيرة ..      

فمع كون المجاز مسلَّمة لغوية وشرعية عند أئمة علوم الإسلام منذ ظهوره إلى الآن إلا أن الشيخ أحمد بن تيمية وتلميذه الشيخ ابن القيم ـ رحمهما الله ـ بإنكارهما له قد صيّراه قضية ، سيما وأنهما قد أطالا الجدال حوله ، وشغّبا حول كثير من أصوله وقواعده ، وشوّشا على أقوال الأئمة حول شواهده ..

وكل هذا قد بنيت عليه فتاوى ومقررات خطيرة ، كانت سببا مباشراً في قتل ملايين المسلمين البريئين من الشرك وأدرانه براءة الذئب من دم ابن يعقوب ..  

 فعلى القول بإنكار المجاز قُرر :

ــ تحريم التوسل بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والحكم بتكفير المتوسلين كفراً أكبر مخرجاً من الملة، مبيحاً للدم والعرض والمال ..

ــ الحكم بظاهر ألفاظ الآيات والأحاديث الواردة في صفات الله ، وما يتعلق بها من أحكام .. وترتب على هذا تبديع ، وتفسيق ، وتكفير طوائف كثيرة من أئمة أهل العلم ، ومئات الملايين من عامة المسلمين .. بناء على فهم مخالف لما عليه الأئمة المحققون من علماء العقيدة الإسلامية والأصولية ، الحنابلة وغير الحنابلة !!!