حقوق النشر محفوظة لموقع كنوز العربية

وحدة البيت…بين البلاغة العربية ولسانيات النص بقلم أ.د/ صالح أحمد عبد الوهاب

أستاذ البلاغة والنقد في كلية البنات الأزهرية بالعاشر من رمضان ووكيل كلية العلوم الإسلامية لشئون التعليم والطلاب

عُنِيَ الشعراءُ العربُ باستقلالِ أجزاءِ الأبياتِ واعتدالِها وإحكامِ معانيها وترابطها في رثائهم ووصفهم ونسيبهم وغزلهم ومدحهم وهجائهم وجدِّهم وهزلهم وحِلِّهمُ وترحالهم وحربهم وسلمهم ووعْدِهم ووعيدهم … وسائر الأغراض والمعاني التي عبروا بها عمَّا يستكنُّ في خلجات أنفسهم وضمائرهم، وهو ما يمكن أن نسميه البدايات الأولى لوحدة البيت الشعري في التراث الأدبي والبلاغي.

 ولعلَّ ما كان من تفضيل بعض الشعراء على بعض ما يؤكد تلك العناية وذاك الاهتمام، ومن ذلك ما ورد من تفضيل ربيعة بن حِذار الأسدىِّ  لشعر عبدة بن الطبيب على الزّبرقان بن بدر، وعمرو بن الأهتم، والمخبّل السعدي، لا لشيء سوى الإحكام والانسجام والترابط في المعنى، وذلك قي قوله:… وأمَّا أنت يا عبدة فإنّ شعرك كمزادة أحكم خرزها فليس تقطر ولا تمطر… وفي رواية أخرى أنَّه اجتمع الزّبرقان بن بدر، وعمرو بن الأهتم، وعبدة بن الطبيب، والمخبّل التميميون في موضع، فتناشدوا أشعارهم. فقال لهم عبدة: والله لو أنّ قومًا طاروا من جودة الشعر لطرتم، فإمَّا أن تخبروني عن أشعاركم، وإمَّا أن أخبركم. قالوا: أخبرنا. قال: فإنِّي أبدأ بنفسي. أمَّا شعري، فمثل سقاء وكيع- وهو الشديد يصطنعه الرجل فلا يسرب عليه، أي لا يقطر- وغيره من الأسقية أوسع منه([1]).

غير أنَّ هذا الإحكام والترابط – من وجهة نظر لسانيَّات النصِّ- كان في محيط البيت الواحد، دون القصيدة بأكملها.

 وليس هذا بمستغرب في الشعر الغنائي؛ فعادةً ما تكون الأغراض والمعاني متعددةً متنوعةً بتنوع الأحوال والمقاصد والغايات، وتختلف باختلاف المشاعر والميول والاتجاهات، وعادةً ما تكون البدايات أميل إلى المعرفة المحددة الدقيقة في معالجة النصوص الأدبية ووضع الأحكام النقدية واستيفاء الحدود والأقسام، وهذا ما كان من النقاد والأدباء والبلاغيين، وهم يبحثون أنواع الأبيات الشعرية وقربها أو بعدها من القافية.

وقد ارتبطتْ(وحدةُ البيت) في التراث البلاغي بمصطلح “التضمين” بمفهومه العروضي، وقد مرَّ هذا المصطلح بمراحلَ مختلفة، وكان أوَّلُها ما ورد في البيان والتبيين للجاحظ أثناء حديثه عن استقلال شطر البيت بنفسه وعدم احتياجه لغيره من أجزاء البيت([2]).

ومن هنا ظهر عندهم أمدحُ بيتٍ، وأهجى بيتٍ، بل وصل الأمر إلى نصف البيت كما صورته عبارة الجاحظ”أيُّ نصفُ بيتِ شعرٍ أحكمُ وأوجزُ؟”([3])، بل وصل الأمر إلى ربع البيت في أحايين أخرى، كما صوره نصُّ الحاتمي حين زعم ” أنَّ حمادًا الراوية سُئل: بأيِّ شيء فُضِّل النابغةُ؟ فقال: إنَّ النابغة إن تمثلتَ ببيت من شعره اكتفيتَ به، مثل قوله:

حلفت فلم أترك لنفسك ريبة … وليس وراء الله للمرء مذهب

بل لو تمثلتَ بنصفِ بيتٍ من شعره اكتفيت به، وهو قوله:

ليس وراء اللهِ للمرءِ مذهبٌ

بل لو تمثلت بربع بيت من شعره اكتفيت به، وهو قوله: أيُّ الرجالِ المهذبُ”([4]).

ويفهم من ذلك أنَّ التعلُّقَ والتعانق والترابط – في البلاغة العربيَّة- كان في حدود شطري البيت، فإن استقل كلُّ شطرٍ بنفسه فهو بيت مطلق، وإن تعلق كلٌّ منهما بالآخر؛ بحيث لا يفهم معنى الشطرِ الأولِ إلَّا مع الثاني فهو  بيت مُضمَّن، وهو ليس معيبًا في عرف الجاحظ حيث لم ينصّ على ذلك صراحةً ولم يشرْ إلى ذلك ضمنيًّا.

ولم تقفْ”وحدةُ البيت” في التراث البلاغي عند استقلال شطري البيت بعضهما عن بعض، بل تطور الأمر إلى جَعْلِ البيتِ وحدةً منغلقةً لا يجوز له الانفتاح على الذي يليه، كما صوره مفهوم “التضمين” عند ثعلب والمرزباني وابن وهب وأبي هلال والباقلاني وابن رشيق… وغيرهم على ما سيأتي بيانه بالتفصيل، ولذا رأوا البيتَ الذي يتعلَّقُ صدرُه بعجزه، ولا يتم معناه إلَّا مع آخر كلمة في البيت معيبًا، وذلك تبعًا لتصور النقاد ورؤيتهم عن “التضمين” حيث مرَّ مفهوم “التضمين”في التراث الأدبي والبلاغي بمرحلة ثانية؛ حين عدُّوا البيتَ المشتملَ عليه من الأبيات المعيبة، ونصُّوا على ذلك صراحة، ففي القرن الثالث الهجري يطالعنا أبو العباس المعروف بثعلب(291هـ) بكتابه “قواعد الشعر” الذي عني فيه بذكر القواعد التي يجب على الشاعر الالتزامُ بها حتَّى لا يقع فريسة للعيوب المخلة بالشعر، وعدَّ منها البيتَ الذي لا يظهر معناه إلَّا مع عجزه في عِدادِ الأبياتِ البعيدة عن البلاغة، وسمَّاها الأبياتَ المُرَجَّلةَ؛ إشارةً إلى ترهلها وانصرامها وتفككها، بينما الأبياتُ التي تستقل أجزاؤها هي من البلاغة على مراتب؛ بحسب قُرب المعنى من القافية أوبُعده، فكلَّما استقل المعنى قَبْلَ وُرود القافية كان أبلغَ، لذا تنوعتْ الأبياتُ عنده إلى الأبياتِ الغرِّ، والأبياتِ المُحَجَّلة، والأبيات الموضّحة، والأبيات المُرَجَّلة، وكلُّها بليغةٌ-على تفاوت مراتبها- ما عدا النوع المُرَجَّل الذي لا يكون تمام معناه إلا مع عجزه، ومن ثمَّ فالأبياتُ عنده بهذا المقياس أربعة، وهي على حد تعبيره” الأبيات الغُرُّ: واحدها أغرُّ، وهو ما نَجَمَ من صدر البيت بتمام معناه، دون عجزه، وكان لو طُرِح آخره لأغنى أوَّلُه بوضوح دلالته…لأنَّ سبيلَ المتكلمِ الإفهامُ، وبغيةَ المُكَلَّمِ الاستفهامُ، فأخفُّ الكلام على الناطق مئونةً، وأسهله على السامع محملاً، ما فُهِمَ عن ابتدائه مرادُ قائله، وأبان قليلُه، ووضح دليله؛ فقد وصفتْ العربُ الإيجازَ فقرظتهُ، وذكرتْ الاختصارَ ففضَّلتهُ، فقالوا: لمحةٌ دالةٌ،لا تخطِئُ ولا تبطئُ، ووَحْيٌ صرَّح عن ضميرٍ، وأوْمَأَ فأغنى. وهذه الطبقة من الاختيار، والنوع من الأشعار، كتشبيه الخنساء ومجنون ليلى.

قالت الخنساء:

وإنَّ صخرًا لتأتمُّ الهُداةُ به … كأنه علمٌ في رأسهِ نار

…الأبيات المُحَجَّلة: ما نُتِجَ قافية البيت عن عروضه، وأبانَ عجزُه بغيةَ قائلِه، وكان كتحجيل الخيل، والنورِ يعقب الليل…قال امرؤ القيس:

من ذكر ليلى وأينَ ليلَى … وخيرُ مارُمْتُ لا ينالُ

الأبيات الموضحة: وهي ما استقلت أجزاؤها، وتعاضدت وصولها، وكثرت فقرُها، واعتدلت فصولها … ومن ذلك قول قول امرئ القيس:

مِكَرٍّ مِفَرٍّ مقبلٍ مدبرٍ معًا … كجلمودِ صخرٍ حطهُ السيلُ من عَلِ

وقول الأعشى:

طويلُ العماد رفيعُ الْوسا … دِ يحمي المُضافَ ويعطي الفقيرا

الأبيات المرجلة: التي يكملُ معنى كلِّ بيتٍ منها بتمامِه، ولا ينفصلُ الكلامُ منه ببعضٍ يحسن الوقوفُ عليه غير قافيته، فهو أبعدُها من عمود البلاغة، وأذمُّها عند أهل الرواية؛ إذ كان فهمُ الابتداء مقرونًا بآخره، وصدرُه منوطًا بعجزه، فلو طرحت قافيةُ البيت وجبتْ استحالتُه، ونسب إلى التخليط قائلُه؛ كما قال الطائي:

عَدْلاً شبيهًا بالجنونِ كأنما … قرأتْ به الوَرْهَاءُ شطرَ كتابِ

وقال امرؤ القيس:

إذا المرءُ لم يخزَنْ عليه لسانَهُ … فليسَ على شيء سواه بخَزَّانِ

وقال النابغة:

هذا الثناءُ فإنْ تسمَعْ لقائِلِه … فما عرضتَ أبيتَ اللعنَ بالصفَدِ”([5])

ثمَّ دخلَ  مصطلحُ”التضمين” مرحلته الثالثة، حيث تجاوز مفهومُ “التضمين” علاقةَ البيت بعضِه ببعض إلى علاقةِ البيت بالبيت الذي يليه، ومن هنا جرى التفاضل بين الشعراء على أساس وحدة البيت، وترسَّخَ هذا المقياسُ الفنيُّ في التراث الأدبي والبلاغي حتَّى تنافس الشعراء في كون البيت وحدة ًمغلقةًغيرَ محتاج للذي يليه، وتسابقوا في حشد المعاني في البيت الواحد، فالبيت الذي يجمعُ معنيين أفضلُ من البيت الذي يجمع معنى واحدًا، والشاعرُ الذي يأتي بالمعنى الذي يريده في بيت واحد أشعر من الشاعر الذي يأتي به في بيتين، وهذا ما صرَّح به ابن وهب قائلاً:”واعلم أنَّ الشاعر إذا أتى بالمعنى الذي يريده، أو المعنيين في بيتٍ واحدٍ؛ كان في ذلك أشعرَ منه إذا أتى بذلك في بيتين، وكذلك إذا أتى شاعران بذلك، فالذي يجمع المعنيين في بيتٍ أشعرُ من الذي يجمعهما في بيتين، ولذلك فُضِّلَ قولُ امرئ القيس:

كأن قلوب الطير رطبًا ويابسًا … لدى وكرها العناب والحشف البالي

على قوله:

كأن عيون الوحش حول خبائنا … وأرحلنا الجزع الذي لم يثقب

لأنَّه جمع في البيت الأول وصف شيئين لشيئين، وإنَّما وصف في هذا شيئًا بشيء”([6]).

واستقرَّ هذا المقياسُ الفنيُّ- الذي يؤسس للعزلة بين الأبيات- في بيئة النقاد والبلاغيين، ففي نهاية القرن الرابع يرى المرزباني في الموشح أنَّ تَعَلُّقَ البيت بالبيت الذي يليه من عيوب الشعر أيضًا، وسمَّاه المبتور، قال:”وهو أن يطول المعنى عن أن يحتمل العروض تمامَه في بيت واحد، فيقطعه بالقافية، ويتمّمه في البيت الثاني؛ مثل ذلك قول عروة بن الورد:

فلو كاليوم كان عليَّ أمري … ومن لك بالتدبّر في الأمور

فهذا البيت ليس قائمًا بنفسه في المعنى، ولكنه أتى في البيت الثاني بتمامه، فقال:

إذا لملكت عصمة أمّ وهب … على ما كان من حسك الصّدور([7])

إلى أن جاء أبو هلال العسكري معلقًا على قول حكيم الهند في بيان حقِّ المعنى: “واعلم أنّ حقَّ المعنى أن يكون الاسم له طبقًا، وتلك الحال له وفقًا، ولا يكون الاسم فاضلاً، ولا مقصّرًا، ولا مشتركًا، ولا مضمّنًا؛…. قال أبو هلال في تعريف التضمين: “ولا مضمّنًا: التضمين: أن يكون الفصل الأوّل مفتقرًا إلى الفصل الثاني، والبيت الأوَّل محتاجًا إلى الأخير، كقول الشاعر:

كأنَّ القلب ليلة قيل يُغدى … بليلى العامريّةِ أو يُراح

قطاةٌ غرّها شركٌ فباتت … تجاذبه وقد علق الجناحُ

فلم يتمّ المعنى في البيت الأوَّل حتى أتمّه في البيت الثاني، وهو قبيح.([8])

وهذا النصُّ هو ما اعتمد عليه المحدثون في وصف البلاغة العربية بالنظرة الجزئية التي تعنى بـ”وحدة البيت” و”بلاغة الجملة”، وفي الحقيقة أنَّ هذا التصور لا يمثله أبو هلال العسكري بمفرده، بل مسبوق بمرحلتين كما سبق بيانه؛ مرحلةِ تعلق شطري البيت بعضهما ببعض على يد الجاحظ دون التصريح بالقبح، ومرحلة تعلق شطري البيت بعضهما ببعض على يد ثعلب والتصريح بالقبح، ثم المرحلة التي نصَّ فيها ابن وهب والمرزباني على تعلق البيت بالذي يليه، التي وافقهما فيها أبو هلال العسكري.

وعلى الرُّغْم من عناية الأدباء والنقاد في البلاغة العربية بمبدأ التماسك والترابط بين أجزاء القصيدة، المتمثلة في جودة السبك وحسن الرصف والنسق، فإنَّ تلك النظرة الجزئية “وحدة البيت” التي شاعتْ في التراث النقدي، جعلت البلاغة العربية في صورةِ من يدعو إلى عزل العناصرِ المُكوِّنَةِ للنصِّ، وهو مبدأ يتعارض –تمامًا- مع جوهر الدراسات النصِّيَّة القائمة على علاقات التماسك والترابط والانسجام بين أجزاء العمل الأدبي، ومن النصوص التي ساعدت على إقرار هذه النظرة وتأكيدها – إضافةً إلى ما سبق- ما انتهى إليه الباقلاني من” أنَّ الشاعر المُفْـلِقَ يسفّ لفظُـه إذا هـو سرد قصةً أو عرض حادثةً([9])؛ أي إنَّ الشاعر تضعف قدرتُه وموهبته الفنية إذا أخذ في سرد قصة أو عرض حكاية؛ لما ينتج عن ذلك من تعلق الأبيات بعضها ببعض واحتياج كلٍّ منها للآخر.

يتبع…

=======================

[1]ــ  الموشح في مآخذ العلماء على الشعراء- المؤلف: أبو عبيد الله بن محمد بن عمران بن موسى المرزباني – ص 91، 92. – الجزء الأول.

[2]– البيان والتبيين ج ص111 طبعة دار الكتب العلمية المجلد الأول – الطبعة الثالثة- تحقيق: موفق شهاب الدين، أما التضمين بمفهومه النحوي والأدبي فلا علاقة له فيما نحن بصدده، حيث لا تعلق لهما بالبيت الشعري وعلاقته بسوابقه ولواحقه، والمراد بالتضمين في باب النحو هو تضمن فعل معنى فعل آخر… وفي الأدب الاقتباس، بخلاف التضمين بمعناه العروضي.

[3]– البيان والتبيين- الجزء الأول- ص110.

[4] – العمدة في محاسن الشعر وآدابه- المؤلف: أبو علي الحسن بن رشيق القيرواني الأزدي (المتوفى: 463 هـ)- المحقق: محمد محيي الدين عبد الحميد-الناشر: دار الجيل-الطبعة: الخامسة، 1401 هـ – 1981م، ص 280-286.

[5]ـ-  قواعد الشعر- ص 66- 84 بتصرف.

[6]ـ-  البرهان في وجوه البيان – المؤلف: أبو الحسين إسحاق بن إبراهيم بن سليمان بن وهب الكاتب، المحقق: د. حفني محمد شرف- الناشر: مكتبة الشباب (القاهرة) – مطبعة الرسالة – عام النشر: 1389 هـ – 1969 م، ص146- الجزء الأول. وقد نشر هذا الكتاب من قبل باسم (نقد النثر) لقدامة بن جعفر.

[7]ــ  الموشح في مآخذ العلماء على الشعراء- المؤلف: أبو عبيد الله بن محمد بن عمران بن موسى المرزباني، ص 108، 110- الجزء الأول.

[8]ـــ  كتاب الصناعتين-  المؤلف: أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)- المحقق: علي محمد البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم- الناشر: المكتبة العنصرية – بيروت- 1419 ه، ص19 ، ص36. واختلف في نسب هذا البيت؛ فنسبه الأخفش إلى قيس المجنون، وقيل: هو لقيس بن ذريح، وقال أبو تمام: هو لنصيب.

[9]– ينظرإعجاز القرآن لأبي بكر محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن القاسم الباقلاني- الناشر : دار المعارف – القاهرة – تحقيق : السيد أحمد صقر- ص ١٢٧.

أ.د صالح أحمد عبد الوهاب

أستاذ البلاغة والنقد ووكيل كلية العلوم الإسلامية

البريد الإلكتروني:saleh_hahmed@hotmail.cim

https://www.youtube.com/channel/UCSUJyz_yZLfFHnc9wyFoKiQ

https://www.facebook.com/saleh.ahmedabdelwahab.5

اظهر المزيد

ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
ArabicEnglishGermanUrdu