Site icon كُنُوز الْعَرَبِيَّة

(العربيــة فخــــر اللغــات وأسمـــاها) [الحلقة الثانية عشرة] بقلم أ.د/ عبد التواب الأكرت

الأبجدية الأردية :

   يقول الدكتور يوسف عامر في كتابه ” في قواعد اللغة الأردية ” تشتمل الأبجدية الأردية على حروف [ أصوات ] عربية ، وحروف فارسية ، وحروف هندية .

أولا : الحروف [ الأصوات ] العربية :

الأول : همزة مفردة ، مثل حقائق ، ومصائب ، خدائى [ إلوهية ] ، خودرائى  [ الاستبداد بالرأي ] ، وهذه الهمزة تكتب همزة ولكنها تنطق ياء ، والكلمات العربية

 

والفارسية التي تبدأ بالهمزة تنطق همزتها ، ولا ترسم فوق الألف مثل افسانه [ قصة قصيرة ] بدون رسم الهمزة على الألف .

الثاني : همزة المد ، مثل آم [ مانجو ] ، آدمى [ رجل ] ، آسمان [ السماء ] ، آيت [ أية ] .

   تنطق مفخمة مثلما تنطق في لفظ الجلالة ” الله ” ولفظ ” الطائر ” ، فنقول : كتاب ، باغ  [ حديقة ] ، خدا [ الله ] .

ثانيا : الحروف الفارسية :

رابعا : الحروف المركبة :

   هي حروف مركبة من حرفين ، ولكنهما ينطقان في صوت واحد لأنهما حرف واحد ، وهي كالتالي :

[ بهـ ، پهـ ، تهـ ، ٹـهـ ، جهـ ، چهـ ، دهـ ، ڈهـ ، رهـ ، ڑهـ ، كهـ ، گهـ ، لهـ ، مهـ ، نهـ ] .

ملاحظات :  

1- تُستخدم الحركات في اللغة الأردية كما في العربية : الفتحة ويقال لها       ” زَبَـر” ، والكسرة ويقال لها ” زيـر” ، والضمة ويقال لها ” پيش “ ، والسكون ويقال له ” جزم “ ، ويُستخدم المد في الأردية  مثل آم [ مانجو ] ، آج [ اليوم ] ، ويُستخدم التشديد مثل كُتّا [ كلب ] ، ويُستخدم التنوين مثل اتفاقًا [ صدفة ] .   

2- تستخدم اللغة الأردية أيضـًا الألف المقصورة مثل فتوى .

3- لحرف الهاء في الأردية حالتان في النطق :

4- للواو في الأردية حالتان من النطق :

الحالة الأولى : الواو المنطوقة ، وهي على ثلاثة أنواع :

الحالة الثانية : الواو غير المنطوقة ، وهي واو تكتب ولا تنطق إذا وقعت بين الخاء والألف ، مثل درخواست [ طلب ] ، خوارزم ، خواہـش [ رغبة ] .

5- هناك أربع طرق لكتابة حرف الهاء :

1- ہــ  : إذا جاءت في أول الكلمة مثل : ہــند ، ہــدى ، ہــدايت .

2- بـہـــار [ الربيع ] : إذا جاءت في وسط الكلمة .

3- مدرسه : إذا جاءت في آخر الكلمة متصلة .

4- كمره [ حجرة ] : جاءت في آخر الكلمة منفصلة  ([1]) .

الوصف والتحليل:

   إذا ما توقفنا عند النص السابق بالمنهج التحليلي سوف نجد مجموعة من الحقائق التي يجب التوقف عندها وتأملها ومن تلك الحقائق ما يلي :

1- تستخدم الأبجدية الأردية معظم حروف الأبجدية العربية – إن لم يكن جميعها – ففي النص السابق ذكر المؤلف جميع حروف الأبجدية العربية الثمانية والعشرين وهذا يعد أثرا بالغ الوضوح والأهمية في تأثير اللغة العربية على لغة الدولة الأصلية ، ومن المعلوم أن عدد حروف الأبجدية الأردية يصل إلى واحد وخمسين حرفا منها ثمانية وعشرين حرفا عربيا ، أي أن الحروف العربية تمثل نسبة تصل إلى 55% من حروف اللغة الأردية ككل ، بالإضافة إلى أن بقية النص يرصد حضورا غير واضح للغة الفارسية ، التي تستخدم منها الأردية أربعة حروف ، واللغة الهندية التي تستخدم الأردية منها ثلاثة حروف في حين أنها تستخدم كل حروف الأبجدية العربية .

2 – من الملاحظ – بما لا يخفى – أن معظم الحروف التي ذكرها الدكتور يوسف عامر تنطق كما تنطق في اللغة العربية بنفس مخرج الصوت ، فالباء باء ، والتاء تاء وهكذا ، وربما اختلف عدد قليل منها في تماثل النطق ، مثل حرف الثاء الذي ينطق [ سينا ] ، وحرف الحاء الذي ينطق [ هاء ] ، وحرف الذال الذي ينطق [ زايا ] ، وحرف الضاد الذي ينطق [ ظاء ] ، وحرف الواو الذي ينطق كحرف  V في اللغة الإنجليزية .

    وتماثل الأصوات في مخارجها وصفاتها ما هو إلا دليل دامغ على أثر اللغة العربية على لغة المجتمع الباكستاني ، الذي تعبد بلغة القرآن في صلاته وقراءته للقرآن والسنة النبوية ، وطوَّع لسانه على نطق أصواتها كما هي بكل صفاتها اللغوية كأصوات الجهر والهمس واللين ، كما طوَّع لسانه للترقيق والتفخيم وخلافه ، وربما أن بعض الأصوات تغير مخرجها – وإن كانت قليلة – بسبب ما وجدوه من تقارب في المخرج بين الصوت الأصلي والصوت المنطوق ، فعلى سبيل المثال فصوت الحاء الذي ينطق [ هاء ] كلاهما حلقي المخرج ، وكذلك صوت الذال والزاي وصوت الثاء والسين فكل منهما متقاربان في المخرج ، فصوت الذال والثاء من أصوات طرف اللسان مع أطراف الثنايا العليا ، وصوت الزاي والسين من أصوات طرف اللسان مع أطراف الثنايا السفلى ، وأما صوت الضاد التي ينطق [ ظاء ] فنجد الكثير من الدول العربية كالسعودية وغيرها في قراءتهم للقران الكريم ينطقون الضاد ظاء ، وعليه فإن كانت اللغة العربية قد نقلت الأبجدية العربية بكامل عددها للأردية فإنها أيضـًا قد نقلتها بمخارجها وصفاتها الصوتية .

    وتجدر الإشارة هنا إلى كيفية وصول الأصوات والحروف العربية إلى اللغة الأردية ، فمن المعلوم أن ” اللغة السندية أخذت الحروف العربية كلها ، ثم انتقلت هذه الحروف إلى اللغة الأردية كما هي ، بل زادت حروفٌ أخرى من الفارسية لم تكن موجودة في السندية مثل : ب ـ ج ـ ز ـ كَـ ، والحروف العربية أيضـًا تشترك مع الحروف الهجائية الفارسية في كثير من الأصوات ،    أما الأصوات غير المشتركة بين الفارسية والعربية الموجودة في الأردية فتمثل أصواتا هندية أصيلة مثل …. تهـ ـ جهـ ـ دهـ ـ كهـ … ([2]) .

   كما يجب الإشارة إلى أن اللغة الأردية اشتملت على مجموعة من الحروف المختلفة كتابيا المتماثلة صوتيا ، فهناك مجموعة من الأصوات تتماثل في نطقها رغم اختلافها كتابة وإملاء مثل :

أ – [ ز ـ ذ ـ ض ـ ظ ] فهذه أربعة حروف مختلفة في الكتابة ، لكنها تنطق مثل حرف [ Z ] في اللغة الإنجليزية .

ب – [ ث ـ س ـ ص ] وهذه الحروف تنطق مثل حرف [ S ] في اللغة الإنجليزية .

ج – [ ت ـ ط ] وهذان الحرفان يؤديان صوت [ T ] .

د – [ ح ـ هـ ] وهذان الحرفان يؤديان صوت [ H ] .

هـ – [ ع ـ أ ] وهذان الحرفان يؤديان صوت [ A ] .

   وقد اتفق بعض علماء الأردية على ضرورة بقاء هذه الأصوات كما هي مع أنها تستعمل لصوت واحد ، أما في اللغة العربية لكل حرف من هذه الحروف صوت خاص ومستقل ، واختلف البعض الآخر منهم حيث يرى أنها أصوات زائدة ، ويجب إخراجها من اللغة الأردية ، إلا أنه رغم كل ذلك فإن هذه الحروف تؤدي إلى دلالات مختلفة رغم تماثلها صوتيا ، فمثلا إذا كان الأردي ينطق كلا من كلمتي ” عَمِّي ـ أُمِّي ” بطريقة واحدة ، فإن كل كلمة منهما لها دلالة خاصة ، فالعم هو شقيق الأب ، أما الأم فدلالتها معروفة ، وعليه فنحن أمام تيارين لعلماء الأردية :

   الأول : يدعو للتخلص من هذه الأصوات مع استدلالهم بأن وجود هذه الأصوات تدل على أثر اللغة العربية والفارسية على الأردية ، وهو الذي يمنعنا من إخراج هذه الأصوات ، وتمثل عنادا ضد العربية والفارسية .

   والثاني : يؤكد على ضرورة بقاء هذه الأصوات في الأردية باستدلالهم بأن إخراج هذه الأصوات سوف يؤدي إلى انهيار الأردية وتفكيكها ، ولعل هذه القضية تجعلنا نتناول أيضـًا الحروف التي وصلت إلى اللغة الأردية بشكل غير مباشر – عن طريق اللغة الفارسية –  وحيث أن بعض الفاتحين المسلمين القاطنين في بلاد الفرس قد قاموا بفتح بلاد السند والهند ، وكانت لغتهم الفارسية ، واستخدموا لغتهم في رسائلهم وتعاملاتهم مع أهل هذه البلاد ؛ فقد أصبحت الفارسية اللغة الرسمية ولغة الحكم ، وبالبرغم من أن الشعب الهندي رفض الفارسية في بداية الأمر ، إلا أنهم سرعان ما تعلموها وأتقنوها ، وكانت اللغة الفارسية تشتمل على الكثير من الحروف والمفردات العربية بعد الفتح العربي لبلاد الفرس في العصر العباسي في عصر الخليفة المأمون ، وأصبحت العربية اللغة الرسمية للبلاد ، ومن ثم فقد أثَّـرت بشكل كبير على اللغة الفارسية .

وبعد أن فتح الغزنويون بلاد الهند ، وتتابعت الغزوات والفتوحات ، وأقام المغول الحكومة الإسلامية في بلاد الهند ، وأصبحت الفارسية اللغة الرسمية للبلاد انتقلت الحروف والمفردات والتراكيب العربية من الفارسية إلى الأردية بشكل غير مباشر ([3]) .

3 ـ عندما نستعرض معا مجموعة من الكلمات الأردية ، مثل : آم ، بات ، تجارت ، ثابت ، جديد ، حرف ، خادم ، دست ، ذليل ، راز ، زبان ، سامان ، شراب ، صبح ، ضرورت ، طاقت ، ظالم ، عادت ، غلام ، فرد ، قانون ، كتاب ، لحاف ، محرر ، نكاح ، ہاجر ، وقت ، يرغمال

فهذه ثمانية وعشرون كلمة أردية بعدد حروف الهجاء العربية ، والمتأمل لرسم هذه الحروف لا يجد فارقا كبيرا عن رسمها في لغتنا العربية ، حتى أن حرف التاء المفتوحة في أواخر الكلمات الأردية ، مثل : تجارت ، ضرورت ، طاقت ، عادت والتي يقابلها عندنا في العربية تاء مربوطة فنقول : تجارة ، ضرورة ، طاقة ، عادة ، لها ما يماثلها في اللغة العربية كرسم التاء المربوطة في الرسم العثماني ،  كقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) البقرة : 218 ، وغير ذلك مما ورد في الوقف على هاء التأنيث التي يوقف عليها بالتاء ([4]) .

   وهناك العديد من الآيات القرآنية الأخرى التي وردت بالتاء المفتوحة ، كما يجب أن نؤكد أن الأردية استعملت أنماطا أخرى من الرسم الكتابي فاستخدموا الرسم الفارسي ، والرسم الروماني والرسم الكايثي وغيرها من ألوان الكتابة ورسم الخطوط لكنهم – على أي الأحوال – لم يتركوا الرسم العربي الذي يبدأ من اليمين إلى اليسار ، وخاصة أن الأبجدية العربية لها حضور فعال في الأبجدية الأردية ، فضلا عن أن قراءتهم للقرآن كجزء من تعاليم دينهم الإسلامي جعلت الرسم العربي دائما نصب أعينهم ([5]) .

 هو الصوامت البسيطة ، وهي الحروف الفارسية وهي :

النوع الثاني : هو الصوامت المركبة : وهي أيضـًا نوعان :

   والصوامت المذكورة سابقا كلها مركَّبة من صدر ، وهو الباء ، التاء ، الجيم ، الـﭽاء ، الدال ، الطاء ، الراء ، الهمزة ، الكاف ، الگاف ، اللام ، الميم ، النون إضافة إلى العجز ، وهو ثابت وهو الهاء ، وتعد تلك الصوامت مركبة أي تدخل في بنية الكلمة باعتبارها صامتا واحدا من الناحية الفونولوجية ، وليس باعتبارها صامتين متتاليين .

وصُنفت بمعقدة التركيب ؛ لأنها مركبَّة من ثلاث صوامت ، وهي أول الطاء ، الظاء ، الجيم ، الدال المضمومة إضافة إلى واو ، والثالث وهو ياء . والمجموعة الثانية وهي نادرة وهي الدال المضمومة والجيم ، والشين والياء . وأخيراً الباء ، والراء ، والهمزة ، والياء ([6]) .

5- من خلال ما سبق نستنتج أن اللغة الأردية اشتملت على ظاهرة الأصوات المركبة من صامتين أو ثلاثة أو أكثر كتابة ونطقا ، ومن ثم فقد تميزت عنها العربية ، كما تميزت عن باقي اللغات السابقة بظاهرة الصوت المفرد نطقا وكتابة ، حيث لم تعرف العربية إطلاقا ظاهرة الأصوات المركبة من أكثر من صوت لغوي ، كما لاحظنا في اللغة الأردية أن للصوت الواحد أكثر من طريقة في نطقه ، وفي كتابته نحو ما رأينا في صوت الواو والهاء .

6- نستخلص أيضـًا عجز اللغة الأردية عن نطق بعض الأصوات العربية الموجودة فيها بمخارجها وصفاتها الصحيحة ، مثل صوت الثاء الذي ينطق سينا ، وصوت الحاء الذي ينطق هاء ، وصوت الذال الذي ينطق زايا ، وصوت الضاد الذي ينطق ظاء ، وصوت العين الذي ينطق همزة ، وعليه فإن اللغة العربية ظلت تتميز بأصوات الحلق كالعين والحاء ، وظلت تنفرد وتختص بصوت الضاد ، الذي لم تعرفه أي لغة حتى الآن بنطقه العربي الأصيل .

7- من الملاحظ أن الأردية تتبع الترتيب الألفبائي كالعربية رغم إضافتها للأصوات الفارسية والهندية بجوار الحروف التي تشبهها ، كما أنه لا يوجد علاقة بين الكلمة الأردية ، واللفظ الموضوع لها باستثناء الكلمات المقترضة من العربية ، والتي تتضح فيها تلك الظاهرة ، وهي علاقة المبنى اللفظي بالمعنى الموضوع له .

8- تُكتب الأبجدية الأردية برموز صوتية متشابكة ، وتأتي متصلة ، ومنفصلة من اليمين إلى اليسار ، متأثرة باللغة العربية في ذلك ، حيث أن الحروف العربية فيها تمثل معظم حروف أبجديتها ، ومن ثم سارت على نمطها في طريقة الرسم والكتابة .

9- عرفت الأردية كذلك ظاهرة الأصوات المكررة ، حيث اشتملت على  صوت الباء ، الذي يتخذ صورتين هما الباء العربية ، والباء الفارسية المثلثة، وكذلك صوت الجيم الذي يتخذ صورتين هما الجيم العربية ، والجيم الفارسية المثلثة ، وصوت الزاي العربية والزاي الفارسية المثلثة ، وصوت الكاف العربية والكاف الفارسية ، وصوت التاء العربية والتاء الطائية ، وصوت الدال العربية والدال الطائية ، وصوت الراء العربية والراء الطائية ، وظاهرة تكرار الأصوات لا تعرفها العربية وهذا من خصائصها التي تتميز بها ، وذكرنا أيضـًا أن الأردية عرفت التنوين والتشديد وذلك تأثرا بالعربية ، كما أنها تقلب التاء المربوطة إلى مفتوحة وكذلك الحركات القصيرة أو الصوائت استعملتها الأردية تأثرا باللغة العربية .

==============================

([1]) في قواعد اللغة الأردية . د . يوسف عامر . القاهرة 2008 م . ص 6ـ 10 .

([2]) انظر : الألفاظ العربية المستعملة في اللغة الأردية [ دراسة دلالية وفق نظرية الحقول الدلالية ]    . د . ظهير أحمد . رسالة دكتوراة . قسم اللغويات . الجامعة الإسلامية العالمية . إسلام آباد . ص 15 بتصرف .

([3]) المرجع السابق . ص 16 ـ 24 بتصرف .

([4]) غاية المريد في علم التجويد . للشيخ عطية قابل نصر . من ص 265 – 267 . ط . الرابعة . الرياض 1994م .

([5]) راجع بحثنا : حاجة المجتمع الباكستاني إلى اللغة العربية . ص 46-51 بتصرف . تحت الطبع .

 ([6])اللغة الأردية واللغة العربية . دراسة تقابلية . مرجع سابق بتصرف .