حقوق النشر محفوظة لموقع كنوز العربية

المعنى في شروح المنظومات الحديثية- دراسة في بعض شروح منظومة (غرامي صحيح) [7] بقلم د. عمرو عطيفي

مدرس بقسم اللغة العربية وآدابها في كلية الآداب - جامعة القاهرة

المعلومات اللغوية الضابطة للمعنى:

لم يقتصر الشراح على تقديم الدلالات المفرداتية للألفاظ فحسب، بل تعدى ذلك إلى الاستئناس بالمعلومات اللغوية: الصرفية والنحوية والدلالية الداعمة للوصول إلى التمكن من دلالة اللفظة من ناحية، وبيان علاقتها داخل جملها من ناحية ثانية، وتمييزها عن غيرها من الدلالات المتاحة وفقًا لطريقة نطقها من ناحية ثالثة، والإشارة إلى الألفاظ الدائرة في حقلها الدلالي من ترادف وتضاد من ناحية أخرى؛ لأن الهدف من قبل ومن بعد هو تحقيق أكبر فائدة، فضلًا عن ضمان تواصل القارئ مع المنظومة بفك كل إشكالياتها التي يراها الشارح معيقًة عن الاستيعاب الجيد للمعنى؛ إذ “توضيح الخصائص المختلفة للغة يعتبر جزءًا من شرح المعنى، فدراسة أصوات اللغة وصيغها ونحوها، وتركيب الجملة فيها مساعد على توضيح المعنى”([1]).

(5/1) المعلومات الصرفية:

        يلاحظ المتتبع لشراح المنظومة حرصهم الدائم على بيان أصل الكلمة المعرفة، فطالما زيلوا تعريفاتهم بالأفعال المشتقة منها الكلمة، وأحيانًا يضيفون بقية المشتقات من مضارع ومصدر، وفي كل يحرص الشراح على أهمية السياق في شرح المعنى، فهم لا يعزلون المعلومات الصرفية عن مسكوكاتها أو مداخلها السياقية، أو متلازماتها اللفظية، وقد أفاض الشرح في هذا الجانب، ويمكن بيسر الرجوع إلى شرح أي مفردة للتثبت من ذلك، انظر مثلًا إلى صاحب البهجة السنية في شرح مفردات: غرامي- عذالي- شجوي: “غرامي: أي ولوعي،  يقال: أغرم بالشيء… أولع به”- والعذال جمع عاذل، أي: لائم، والعذل الملامة، والاسم العذال بالتحريك، يقال عذلنا فلانًا فاعتذل، اي لام نفسه وأعتب، ورجل عذلة، أي يعزل الناس كثيرًا- “وشجوي أي همي وحزني، يقال: شجاه يشجوه شجوًا، إذا أحزنه، وأشجاه يشجيه إشجاء إذا أغصه..”.

يحرص كذلك الشراح على بيان مفردات الجموع، أو جموع المفردات، ولهم في ذلك طرائق، كأن يصرحون بالمفرد أو الجمع، أو يشيرون إليه بكلمة شارحة، فمن الأول: “والهوى بالقصر هوى النفس، والجمع الأهواء”([2])، ومن الثاني: “ودمعي: وهو ماء العين، والدمعة القطرة منه”([3]).

(5/2) المعلومات النحوية:

يتفاوت شراح المنظومة في معيار الجانب النحوي في شرح المنظومة، فنجد في الشروح المدروسة مناهج أو مدارس:

الأول- المنهج الأول: عدم التصريح بالمعلومة النحوية، فهي داخلة ضمن منظومة الشرح التي ينجزها الشارح، فتفهم من خلال التقديرات الرابطة لجملة البيت المشروح، تارة، أو ببيان وظيفة الكلمة بالشرح تارة أخرى، وهذا منهج أو مدرسة صاحب البهجة السنية، الذي يقدم معلومات عن الحال والنعت والإضراب وغيرها، دون التصريح بذلك، من آيات ذلك شرحه لقول الناظم:

وصبري عنكم يشهد العقل أنه … ضعيف ومتروك وذلي أجمل

“… (يشهد العقل أنه) صبر (ضعيف)… بل (ومتروك) جملة..”، فقد أدرج الشارح في نثره للبيت، تقدير ثلاثة محذوفات، الأول: المنعوت (صبر) وإقامة الصفة مقامه، والثاني- دلالة الإضراب المستفادة من تقدير (بل) قبل (متروك)، فلم يكن صبره ضعيفًا لا يقاوم، بل كان متروكًا جملة، وهنا يبرز المحذوف الثالث وهو الحال الجامدة (جملة) المؤولة بالمشتق أي مجموعًا.

ومثله نثره لقول الناظم:

ولا حسن عندي إلا سماع حديثكم …. مشافهو يملى علي فأنقل

“…. إلا سماع حديثكم) حالة كونه (مشافهة)”.

المنهج الثاني- الإشارة إلى توجيه الإعراب متى احتيج إلى ذلك، وهو منهج صاحب الشرح الصحيح.

المنهج الثالث- الالتزام بإعراب أبيات المنظومة، وهو منهج صاحب أشرف المطالب الذي يعقب كل بيت بشرح المفردات ويثنيه بإعراب كلماته.

======================

([1]) المعاجم اللغوية في ضوء دراسات علم اللغة الحديث، ص 58.

([2]) البهجة السنية، ص 69.

([3]) البهجة السنية، ص

 

اظهر المزيد

ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
ArabicEnglishGermanUrdu