حقوق النشر محفوظة لموقع كنوز العربية

لمحاتٌ من إعجاز الترتيب القرآني..[خَلقُ آدم مرتبٌ ترتيبا تصاعديا].. بقلم أ.د/ إبراهيم الهدهد

أستاذ البلاغة والنقد ورئيس جامعة الأزهر الأسبق

جاء تفصيل خلق آدم مرتبا ترتيبا تصاعديا على هذا النحو :

قال تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ) [الأعراف 11]

قال تعالى: ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) [الحجر 28]

قال تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا) [الإسراء 61]

قال تعالى: (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ) [ص 71]

حينما نبصر الآيات الكريمات فيما فوق الخط نرى سورة البقرة خلت من حديث عن خلق آدم، وجاء ذكر الخلق إجمالا في الأعراف، ومهد (وصورناكم) لما يأتي بيانه في سورة الحجر، وتولت سورة الحجر تفصيل هذا التصوير المجمل في سورة الأعراف، فهو من صلصال من حمأ مسنون، ثم بينت سورة الإسراء أصل هذا الصلصال، وأنه من طين، وكان ذلك حكاية عن إبليس، وجاءت سورة ص لتبين هذا تصريحا لا حكاية.

فليس هذا من باب التفنن في الأساليب كما ذكر، وليس من التكرار كما قيل، وإنما وقع على هذا النحو من الترتيب المحكم المتنامي تناميا تصاعديا، تناسبا مع مقاصد السور مشبها منبعا متفجرا في سورة البقرة ينداح ماؤه شيئا فشيئا حتى بلغ المدى في سورة ص، ومما تجدر الإشارة إليه أن ذلك من باب الإجمال ثم التفصيل، ومن طبائع العقول في استقبال الخطاب قبول الإجمال ثم الشغف بالتفصيل، فيكون ذلك أقعد في العقول وأولى عند الخطاب بالقبول .    

اظهر المزيد

ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
ArabicEnglishGermanUrdu