حقوق النشر محفوظة لموقع كنوز العربية

مما استعمله العوام في ضد معناه الفصيح [7] الأسباب النفسية .. بقلم أ.د/ هاشم عبد الرحيم

أستاذ أصول اللغة المساعد بكلية اللغة العربية بأسيوط- جامعة الأزهر

المطلب الأول : التفاؤل

1 ـ  الزَّعَل

المعنى الفصيح:

“الزَّاءُ وَالْعَيْنُ وَاللَّامُ أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى مَرَحٍ وَقِلَّةِ اسْتِقْرَارٍ، لِنَشَاطٍ يَكُونُ. فَالزَّعَلُ: النَّشَاطُ. وَالزَّعِلُ: النَّشِيطُ”([1]) يقال: “زَعِلَ -كفَرِحَ- زَعَلاً: نَشِطَ، وأَشِرَ” ([2]) و”الأَشَرُ: المَرَحُ والبَطَر”([3])

وقد ذكر الزمخشري “الزَّعَل” في معنى “بطر” مرادفًا شدةَ المرح، فقال: “وبطر وهو مجاوزة الحد في المرح وخفة النشاط والزعل” . ([4])

المعنى العامي:

يستعمل العوام -وغيرهم- “الزَّعَل” بمعنى الغضب والضجر والاغتياظ والنكد، فيقولون: فلان زعل من صديقه، أي: غضب عليه، وفلانة زعلت من جارتها، بمعنى: اغتاظت وضجرت، وفلان زعلان منه، أي: ضجرٌ وغضبان منه وأصابه منه ضيق، وفلان زعَّلَ فلانًا، أي: جر إليه نكدًا …  ([5])

استنتاج وتعليق:

        انعقدت مادة “ز ع ل” -عند أهل اللغة- للدلالة على المرح والخفة والنشاط، والمرح أعلى من الفرح؛ إذ “المَرَحُ: شِدَّة الفَرَح حتى يُجاوزَ قَدْرَه”([6])

أما عند العامة فيُطلق على الضجر والضيق والنكد والتغيظ، وهي ضد المرح والفرح، ومن ثم يعد “الزعل” من المتضاد؛ إذ استعمل في معنى وضده.

وقد رفض الدكتور أحمد مختار عمر هذا الاستعمال، وحجته أنها لم ترد بهذا المعنى في المعاجم القديمة، فقال: “مثال: زَعِل منه. الرأي: مرفوضة. السبب: لأنها لم ترد بهذا المعنى في المعاجم القديمة. المعنى: ضَجِر واغتاظ”([7])؛ ولهذا عدها المعجم الوسيط من المولَّد الذى ظهر بعد عصر الاستشهاد والاحتجاج.([8]) وجُلُّ علماء اللغة لا يأخذون بلغة المولدين.([9])

وقد يرجع سبب هذا الاستعمال إلى التفاؤل، حيث يطلقون الزَّعَل -بمعنى المرح- على المتغيظ الغاضب تفاؤلًا، وكأنهم يقولون –من طرف خفي-: لعله يرضى ويسعد، ويزول عنه ما وجد. كما أطلقت العرب المفازةَ على الصحراء -وإنما هي مهلكة، ولكن تفاءلوا لها بالفوز-([10]) والسليمَ على اللديغ؛ وربما كان –إذ ذاك- يُحتَضر، وإِنَّمَا سُمِّي اللّدِيغ سَلِيماً؛ لأنّهم تَطَيَّروا من اللّدِيغ، فقَلَبوا المعنَى؛ راجين بُرْأَهُ، كَمَا قَالُوا للحَبَشِي: أَبُو البَيْضاء.([11]) ومثلما يستعمل العوام الآن “العافية” ويريدون المرض؛ تفاؤلًا، فيقولون -للسائل عن الموعوك-: هو بعافية، ويريدون: سقيمًا. أي: يرجون له العافية.

==============

([1]) مقاييس اللغة، 3/9 (ز ع ل).

([2]) تاج العروس 29/121 (ز ع ل)، وينظر: كتاب الأفعال، لابن القطاع 2/95 (ز ع ل).

([3]) العين 6/284 (أ ش ر).

([4]) أساس البلاغة 1/65 (ب ط ر).

([5]) ينظر: تكملة المعاجم العربية، لرينهارت بيتر آن دُوزِي 5/330 (ز ع ل).

([6]) العين، 3/325 (ز ع ل).

([7]) معجم الصواب اللغوي، لأحمد مختار عمر 1/422 (ز ع ل).

([8]) ينظر: المعجم الوسيط، 1/394 (ز ع ل).

([9]) ينظر: المعيار في التخطئة والصواب، دراسة تطبيقية، د. عبدالفتاح سليم، ص124 .

([10]) ينظر: التقفية، للبندنيجي، ص448 (ز ع ل).

([11]) ينظر: تهذيب اللغة، 12/311 (س ل م).

اظهر المزيد

ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
ArabicEnglishGermanUrdu