[23] تابع فوائد مادة [أ.ذ. ي]:
الرابعة:
ألحق بهذه المادة (إذا) الدالة على الزمان المستقبل، و(إذ) المعبر بها عن الزمان الماضي.
وذكرهما هنا – في وجهة نظري- يدل على أن تسمية الكتاب بـ(مفردات ألفاظ القرآن) أو (المفردات في ألفاظ القرآن) أكثر توفيقا من عنوان: (المفردات في غريب ألفاظ القرآن)؛ لأنه تناول بالدرس ما ليس غريبا.
وألاحظ هنا أنه لم يستشهد على هذه الكلمة بآية أو بعض آيات القرأن الكريم، وهو الغرض الذي من أجله يسوق هذه التراكيب بمعانيها العامة. وهو وارد في مثل قوله تعالى: (فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا) [الأنبياء ٩٧]، وقوله تعالى: (والموفون بعهدهم إذا عاهدوا) [البقرة ١٧٧].
وقوله عن إذا (وقد يضمن معنى الشرط فيجزم به، وذلك في الشعر أكثر) يقصد كقول الفرزدق:
ترفع لي خندف والله يرفع لي:: نارا إذا خمدت نيرانهم تقدِ
[ينظر: عمدة الحفاظ ١/ ٨٢]
أما (إذا) في مثل قوله تعالى: (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون)، فقالوا: (إنما نحن مصلحون) جملة جواب الشرط غير الجازم لا محل لها من الإعراب.
الخامسة:
قوله عن إذ: (وإذ يعبر به عن الزمان الماضي) أي في مثل قوله تعالى: (أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون) [آل عمران ٨٠]
وقوله: (ولا يجازى به إلا إذا ضم إليه ما) أي يحتاج إلى جزاء عند ضم ما به، وهذا النمط: (إذ ما) لم يرد في القرآن الكريم.
[24] فوائد مادة [أ.ر.ب]:
الأولى:
ذكر ابنُ فارس أن لتركيب (أ.ر. ب) أربعة أصول إليها ترجع الفروع، وهي: الحاجة، والعقل، والنصيب، والعَقد. ينظر: مقاييس اللغة [أ.ر. ب] بينما رد الراغب جميعها إلى فرط الحاجة.
الثانية:
الفرق بين الحاجة والأرب – كما ذكر الأصفهاني- يقوم على علاقة العموم والخصوص بينهما، فالحاجة أعم من الأرب.
الثالثة:
قوله: (وقوله: ﴿ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ ﴾ [النور: 31] كناية عن الحاجة إلى النكاح)
هنا بترٌ للشاهد أدى إلى عكس المعنى المذكور، فتمام الآية: ﴿أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ﴾ فالأولى أن يقال: (كناية عن عدم الحاجة إلى النكاح)؛ لأن سياق الآية يقتضي ذلك.
الرابعة:
قوله: (وتسمى الأعضاء التي تشتد الحاجة إليها آرابا، الواحد: إرب)
قيد: (اشتداد الحاجة)، لم يذكره صاحب المقاييس ولا الصحاح، [ينظر: المقاييس الصحاح: أ. ر. ب] وإنما ذكرا أنه عضو، كما أورد الأزهري والزبيدي: يقال لكل عضو: إرب. [ينظر: تهذيب اللغة وتاج العروس: أ. ر. ب]
في حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، في حديثها عن النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كان أملككم لإِرْبه. أي لحاجته. هذا تأويل، والتأويل الآخر أنه الفرج. ينظر: (تاج العروس: أ. ر. ب)
الخامسة:
قوله: (وروي أنه عليه الصلاة والسلام قال: (إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب: وجهه، وكفاه، وركبتاه، وقدماه)
وسميت هذه آرابا – من منطلق الراغب- لأنها تشتد الحاجة إليها في عملية السجود وتمامها. ينظر عمدة الحفاظ(١/ ٨٣).
يقول العاملي: لا أصل لحديث : السجود على سبعة آراب في مصادرالمسلمين . بل هو : على سبعة أعظم ، أو أعضاء .
وكلامه ليس صحيحا، فالحديث بهذا اللفظ عن العباس بن عبد المطلب، [ورد في صحيح أبي داود برقم ٨٩١ وصحيح ابن ماجه برقم ٧٣١ وصحيح الترمذي ٢٧٢ والنسائي ١٠٩٨]
السادسة:
قوله: (ويقال: أرَّب نصيبه، أي: عظمه، وذلك إذا جعله قدرا يكون له فيه أربٌ، ومنه: أرب ماله، أي: كثر)
ردَّ الأصفهاني النصيب الذي جعله ابن فارس أصلًا قائمًا بذاته إلى الحاجة؛ لما في زيادته وتعظيمه من أثرٍ كبيرٍ في الاحتياج إليه.
السابعة:
قوله: (وأربت العقدة: أحكمتها).
فالذي يفعل ذلك في احتياج إلى هذا التأريب والعقد، لما لا يند ما يربط.
الثامنة:
نلاحظ أنه لم يذكر الإرْب الذي هو العقل، ومنه سمي العاقل أريبا، وهو أحد أصول ابن فارس الأربعة في هذا التركيب.
كما نلاحظ أنه لم يُذكَر من ألفاظ هذه المادة في القرآن الكريم غير الموضعين اللذين أوردهما الراغب، وهو قوله تعالى: ﴿أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ﴾ [النور: 31]، وقوله تعالى: ﴿وَلِيَ فِيهَا مَآَرِبُ أُخْرَى﴾ [طه 18]