حقوق النشر محفوظة لموقع كنوز العربية

المصوتات ومناسبتها للدلالة الإفرادية في شرح المثلثات اللغوية (6) [الحجــر].. بقلم أ.د/ منى عبد الظاهر الشامي

أستاذ أصول اللغة المساعد بكلية البنات الإسلامية بأسيوط جامعة الأزهر

الحجــر

*يقول الفيروزآبادي في الأزهرية: الحَجْر ـ بالفتح ـ: مقدم ذيل القميص، وهو حَجر الإنسان([1]). وزيد في نسخة المدينة: «الحَجْر: المنع, وحضن الإنسان, والحرام, ويثلث في الكلّ, ونَقا الرَمْل وقصبته في اليمامة, وجمع حَجْرة للناحية»([2]).

وجاء في شرح خميسي للمثلثات أن الحَجر هو: «حَجر الإنسان ـ بالفتح وقد يكسر ـ حِضنه, وهو ما دون إبطه إلى الكَشْح, وهو في حجره, أي: في كنفه وحمايته. والجمع: حُجُور»([3]).

بتأمل هذه الدلالة تجد أن الحَجر وهو مقدم ذيل القميص كما جاء يحمل معنى الاتساع والامتداد, وذلك يتناسب مع اتساع وامتداد مصوت الفتح,  بالإضافة إلى أن حجر الإنسان ـ مقدم القميص أو الحضن ـ يكون في الأمام وكذا مصوت الفتح يعد حركة أمامية عند بعضهم.

*يقول الفيروزآبادي في الأزهرية: والحجر ـ بالكسر ـ: العقل([4])، وزيد في نسخة المدينة: «وبالكسر: العقل ـ ويفتح ـ , والقرابة, وبلاد ثمود, والأنثى من الخيل… والفرج, وما بين يديك من ثوبك, ورجل»([5]). وقال المقلاتي: «حجري: الحِجر هو العقل؛ لأنه يحجر الإنسان, أي: يمنعه من أي عمل دنئ»([6]).

يقول ابن فارس: «الْعَيْنُ وَالْقَافُ وَاللَّامُ أَصْلٌ وَاحِدٌ مُنْقَاسٌ مُطَّرِدٌ، يَدُلُّ عُظْمُهُ عَلَى حُبْسَةٍ فِي الشَّيْءِ أَوْ مَا يُقَارِبُ الْحُبْسَةَ. مِنْ ذَلِكَ الْعَقْلِ، وَهُوَ الْحَابِسُ عَنْ ذَمِيمِ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ»([7]). ففي دلالة العقل حبس ومنع, ومجيء (الحِجر ــ بالكسر ــ) ليدل على (العقل) ما يضاهي حال أعضاء النطق عند خروج الكسرة حيث تمنع الهواء من الاستطالة وتحصره وتحبسه, فيقف عند نقطة بعينها لاكتناف الأضراس جانبي اللسان, فهي متضامة غير منتشرة. وأيضًا من أهم الأعضاء البشرية هو العقل لما يبذله من جهد لحمايتنا من الزلل، فمهمته جد شاقة وثقيلة بالنسبة للنفس البشرية المحبة للميل والزيغ عن الصراط المستقيم, فناسب ثقل مصوت الكسر, ففي المنع ثقل.

*يقول الفيروزآبادي في الأزهرية: والحُجر ــ بالضم ــ: اسم رجل, واسم لأبي امرئ القيس.([8]) وزيد في نسخة المدينة: «وبالضم: جمع حجار لحائط الحجرة, وأبو امرئ القيس, وجده الأعلى, وصحابي»([9]).

بالنظر في هذه الدلالة تجدها علم منقول, وحتى يتسنى معرفة ما إذا كانت هناك مناسبة بينه وبين خصائص مصوت الضم, لابد من الوقوف أولًا على المعنى الذي نُقل منه هذا العلم, جاء في الصحاح: «والعرب تقول عند الأمر تُنكره: حُجْراً بالضم، أي دفْعاً. وهو استعاذة من الأمر… وحُجر أيضًا: اسم رجل، وهو حُجر الكندي، الذى يقال له آكل المرار.»([10]) فأصل اللفظة تدل على إنكار الأمر والاستعاذة منه؛ لدفعه وذلك لما فيه من الثقل والصعوبة, ويؤكد ذلك قول ابن دريد في حديثه عن اشتقاق علم (مُرة) حيث قال: «ومُرّة: اسم شجرةٍ. والمُرار أيضًا: شجرٌ، الواحدة مُرارة. وآكل المُرارِ لقبُ ملكٍ من مُلوك كِندة، وهو الحارثُ جدُّ أبي امرئ القيس ابن حُجر، يُسمُّون أولادَه بني آكلِ المُرار. والمُرُّ: خلاف الحُلو.»([11]) فتجد أن هذا العلم نقل عن أصل يمتاز بالصعوبة والثقل, وذلك يتناسب مع ثقل مصوت الضم.

======================

([1]) ينظر: أربع رسائل في شرح مثلث قطرب, ص23, 91, 147.

([2]) كتاب الغرر المثلثة والدرر المبثثة, ص401.

([3]) شرح نظم مثلث قطرب, عمار بن خميسي, ص30, دار ابن حزم, بيروت, لبنان, ط1, 1426هـ ــ 2005م.

([4]) ينظر: أربع رسائل في شرح مثلث قطرب, ص23, 91, 147.

([5]) كتاب الغرر المثلثة والدرر المبثثة, ص401.

([6]) المثلثات للمقلاتي, ص51.

([7]) معجم مقاييس اللغة (ع ق ل)

([8]) ينظر: أربع رسائل في شرح مثلث قطرب, ص23, 91, 147.

([9]) كتاب الغرر المثلثة والدرر المبثثة, ص401.

([10]) تاج اللغة وصحاح العربية, أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري , (ح ج ر) تح. أحمد عبد الغفور عطار, دار العلم للملايين, بيروت, ط4, 1407 هـ‍ – 1987 م.

([11]) الاشتقاق, أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي, ص22, تحقيق وشرح: عبد السلام محمد هارون, دار الجيل، بيروت – لبنان, ط1، 1411 هـ – 1991 م.

اظهر المزيد

ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
ArabicEnglishGermanUrdu