د. حاتم عبدالمنعم يكتب: اتحاد الكرة المصري يتجاهل اللغة العربية
منقول عن (بوابة الأهرام)
اللغة بوجه عام هويةٌ وانتماءٌ، وتحرص معظم دول العالم على حماية لغتها والحفاظ عليها بالقوانين والتشريعات والتعليم والثقافة.. والحفاظُ على اللغة يعني الحفاظ على الشخصية القومية والهوية الوطنية.
لذلك عادةً ما كان الاستعمار يلجأ لطمس هذه الهوية، وكانت مصر دائمًا عبر تاريخها متمسكة بلغتها ولم تتغير مع ظروف الاحتلال أو الاستعمار عبر تاريخها الطويل، وظلت متمسكة بلغتها؛ سواء أثناء الاحتلال الفرنسي أو الإنجليزي، كما أن لمصر دورها الكبير في الحفاظ على اللغة العربية؛ بل ونشرها في العالم العربي والإسلامي من خلال المدرس أو المعلم المصري وعالم الأزهر ومدينة البعوث الإسلامية.
كما يحسب للزعيم جمال عبدالناصر ولمصر تقديم طلب رسمي للأمم المتحدة لاعتماد اللغة العربية ضمن لغات الأمم المتحدة وكافة هيئاتها، ثم إصراره للحديث باللغة العربية في 25 سبتمبر عام 1960 في جلسات الأمم المتحدة، رغم معارضة البعض، ثم تمت الموافقة في أوائل السبعينيات، وقال كلمته فعلا باللغة العربية كأول شخص يتحدث بالعربية، وبعد ذلك تم الاعتراف رسميًا باللغة العربية.
وداخليًا؛ صدرت تشريعات بمنع الأسماء الأجنبية في الخمسينيات وهذا معمول به في فرنسا وألمانيا وإنجلترا وكثير من الدول، ولكن للأسف مع هوجة الانفتاح عادت الأسماء الأجنبية وبطريقة مستفزة؛ فهدم اللغة مقدمة لهدم الانتماء؛ خاصة أنها لغة القرآن الكريم.
ثم نأتي لاتحاد الكرة المصري؛ فنجد في مسابقة الدوري الممتاز المكون من ثماني عشرة فرقة الأسماء الآتية: (بيراميدز، فاركو، فيوتشر، إيسترن، كمباني، سيراميكا كليوبترا، وإنبي)، هذه أسماء أندية في الدوري المصري لكرة القدم اللعبة الشعبية الأولى التي يتابعها معظم الشعب المصري، وخاصة الشباب، وهذا بلا شك يساعد على محو أميته اللغوية، خاصة وسط التغيرات المعاصرة ودخول وسائل التواصل الاجتماعي كل منزل، وهي بالطبع تحمل ثقافات مختلفة وتزيد من مشكلات الهوية واللغة، وهناك أسماء أجنبية أخرى في المسابقات الأخرى؛ مثل بتروجيت وكوكاكولا وبيلا، وغير ذلك من أسماء ليس لها معنى أو مرجع.
ومن هنا؛ تأتي أهمية تدخل الجهات التشريعية بقوانين حاسمة ورادعة لوقف هذا العبث غير المبرر وغير المسئول من جهة يتابعها الرأي العام بأكمله، فما هي القدوة التي نريد غرسها من هذا الهزل الذي يتزايد يومًا بعد يوم.. بل يجب محاسبة الجهات المسئولة؛ لأنها ليست القدوة الصالحة لشبابنا.
وليست القضية فقط خاصة بكرة القدم؛ بل في كافة المجالات، فنجد مثلًا شركة فودافون ووي وغيرها وغيرها، الأمر الذي يتطلب مواجهة تشريعية شاملة للحفاظ على لغة القرآن الكريم والهوية والانتماء، ولنا في تجارب الدول الأخرى عبرة، فيجب مراجعة التشريعات الخاصة بالحفاظ على اللغة الوطنية في الدول الأخرى، خاصة فرنسا وألمانيا وإنجلترا.. والله ولي التوفيق.
رابط المقال: