(صَارَ الْعَوْدُ فِينَا تَوَالِيا) شعر د/ عبد الحكيم البركاوي
بَكَيْنَا أَبِي عَمِّي وَعُدْنَا بَوَاكِيا
عَلَيْكَ وَصَارَ الْعَوْدُ فِينَا تَوَالِيا
تَقَضَّيْتَ تُلْقِى بَيْنَ جَنْبَيَّ لَوْعةً
وَأَبْقَيْتَنِي بَيْنَ الْحَوَادِثِ ثَاوِيا
أُطَارِحُ أَحْزَانًا تُدِيمُ فَجِيعَتِي
وَأَنْزِفُ آَلَامًا تُذِيبُ حَشَائِيَا
فَأُمْسِي مَعَ الْأَرْزَاءِ تَقْرَعُ بَابَنَا
وَأُضْحِي مَعَ الْأَحْزَانِ تُبْكِي مَآَقِيا
وَأَذْكُرُ أَزْمَانًا تُثِيرُ لَوَاعِجِي
وَأَنْـدُبُ آَبَــاءً تُقَـاةً عَــوَالِيا
زَمَانٌ لِآَبَائِي تَوَلَّتْ حَلَاتُهُ
وَلَمْ يَبْقَ غَيْرُ الذِّكْرِ يَكْسُو رِدَائِيَا
فَمَا زَالَ صَوْتُ الْعَمِّ يُطْرِبُ مَسْمَعِي
وَمَا زَالَ طَيْفُ الْعَمِّ بِالْعَيْنِ بَادِيا
وَمَا زَالَ طِيبُ الْعَمِّ مِسْكًا نَسِيمُهُ
وَمَا زَالَ هَدْىُ الْعَمِّ لِلَّهِ دَاعِيا
لَعَمْرِي أَتَى الْيَوْمَ الْحَبِيبَ مَعَادُهُ
وَمَا عَادَ بَعْدَ الْآنَ يَطْرُقُ بَابِيَا
وَمَا أَسَفِي إِلَّا عَلَى فَوْتِ جِلْسَةٍ
عَهَدْتُكَ فِيهَا بِالْمَحَجَّةِ شَادِيا
وكوْنِ مَكَانِي مِنْ مَكَانِكَ خَالِيًا
وَكَوْنِ ضِيائِي مِنْ ضِيَائِكَ خَافِيا
فَإِنَّكَ ذُو قَلْبٍ سَلِيمٍ رِوَاؤُهُ
مَنَابِعُ الْفُرْقَانِ تُسَاقِي الْحَوَاشِيا
لَكَمْ كَنْتَ سَبَّاقًا إِلَى الْبِّرِ مُلْهِمًا
مُحَيَّاكَ نُورٌ طَائِفٌ بِدِيَارِيَا
تُوَاصِلُ أَرْحَامًا وَتُؤْنِسُ عِتْرَةً
تُضَاحِكُ أَحْفَادًا وَتُهْدِي غَوَالِيا
فَهَذَا أَبِي بَادٍ وَأَنْتَ جِوَارَهُ
وَزُمْرَةُ أَعْمَامٍ تُطِيبُ فُؤَدِايا
بِمِيرَاثِ عَدْنَانٍ تَزَكَّتْ نُفُوسُهُمْ
بِمُهْجَـةِ قُــرْآنٍ تَرَقَـوْا مَعَـالِيا
تُفَارِقُ شَهْرَ الصَّوْمِ يُوشِكُ نُورُهُ
وَيَا لَيْتَ حَوْلِي أَنْ تُفادَى التَّرَاقِيَا
أَيَأْتِي مَسَاءُ الذِّكْرِ بَعْدَكَ عَامِرًا
نُـرَتِّـلُ قُــرْآنًا وَنُحْــيِي لَيَـالِيَـا
فَيَا أَيُّهَا الْعَـمُّ الْذِي غَـابَ نُـورُهُ
إِلَى رَوْضِ جَنَّاتِ عَلَيْكَ سَلَامِيا
فَهَلْ دَامَ فَوْقَ الْأَرْضِ حَيٌّ نَعُودُهُ
وَهَلْ ظَلَّ مُصْطَفَاهُ فِي النَّاسِ بَاقِيا