التَّنَاصّ فى ميزان النّقد [الحلقة الخامسة: أصناف التناصّ، وآلياته].. بقلم أ.د/ إبراهيم الهدهد
أستاذ البلاغة والنقد بكلية اللغة العربية بالقاهرة ورئيس جامعة الأزهر السابق.
أصناف التناصّ
ذكر جيرار أن أصناف التناصّ ستة :-
1ـ الاستشهاد : وهو الشكل الصريح للتناص.
2ـ السرقة : وهو أقل صراحة .
3ـ النصّ الموازى : علاقة النص بالعنوان والمقدمة والتمهيد .
4ـ الوصف النصّى : العلاقة التى تربط بين النصّ والنصّ الذى يتحدث عنه .
5ـ النصّيّة الواسعة : علاقة الاشتقاق بين النصّ الأصلى ، والنص السابق عليه.
6ـ النصّيّة الجامعة : العلاقة البكماء بالأجناس النصية التى يفصح عنها التنصيص الموازى(1)
وقد جعله د. محمد مفتاح نوعين أساسيين :-
1ـ المحاكاة الساخرة ( النقيضة ) : ويحاول كثير من الباحثين أن يختزل التناص إليها .
2ـ المحاكاة المقتدية ( المعارضة) : وفى بعض الثقافات من يجعلها الركيزة الأساسية للتناص(2)
أقسام التناص حسب التوظيف:
وهو من هذه الجهة قسمان :
1ـ التناصّ الظاهر : ويدخل ضمنه الاقتباس والتضمين ، ويسمى أيضا التناص الواعى أو الشعورى .
2ـ التناص اللاشعورى : وهو تناصّ الخفاء ، ويكون فيه المؤلف غير واع بحضور نص فى النص الذى يكتبه(3)
آليـات التناصّ
للتناص آليات يمكن للشاعر والكاتب اتباعها ، ويمكن حصرها فى اتجاهين التمطيط والإيجاز ، ويتخذ ذلك أشكالا متعددة:
أ ـ التمطيط : ويحصل بأشكال مختلفة أهمها :
1ـ الجناس بالقلب وبالتصحيف: مثل (نخل ـ نحل ـ الزهرـ السهر) الكلمة المحور : ككلمة الدهر فى قصيدة ابن عبدون :
الدهر يفجع بعد العين بالأثر * فما البكاء على الأشباح والصور
2ـ الشرح : فقد يجعل البيت الأول محوراً ، ثم يبنى عليه المقطوعة أو القصيدة ، وقد يستعيرقولا معروفا ليجعله فى الأول ، أو فى الوسط ، أو فى الأخير ثم يمططه بتقليبه فى صيغ مختلفة ، وهكذا فالبيت الأول السابق هو النواة المعنوية الأساسية فى القصيدة ، وماتلاه شرح وتوضيح له.
3ـ الاستعارة : بأنواعها المختلفة مرشحة ومجردة ومطلقة فهى تنقل المجرد ( الدهر) إلى المحسوس ( الليث) فى قوله :
أنهاك أنهاك لا آلوك موعظة * عن نومة بين ناب الليث والظفر
وقد كان بإمكان الشاعر أن يقول : الدهر مؤذ ، ولكن صنيعه هذا أدى إلى أن يحتل التعبير الاستعارى حيزا مكانيا وزمانيا طويلا .
4ـ التكرار : ويكون على مستوى الأصوات والكلمات والصيغ .
5ـ الشكل الدرامى : فجوهر القصيدة الصراعى ولّد تواترات عديدة بين كل عناصر بنية القصيدة ظهرت فى التقابل بمعناه العام ، وتكرار صيغ الأفعال، وكل هذا أدى إلى نمو القصيدة .
6ـ أيقونية الكتابة: أى : علاقة المشابهة مع واقع العالم الخارجى ، فتجاور الكلمات المتشابهة أو تباعدها ، وارتباط المقولات النحوية بعضها ببعض أشياء لها دلالاتها فى الخطاب الشعرى .
ب ـ الإيجاز : وذلك بأن يعتمد الكاتب أو الشاعر على حادثات التاريخ فيكتفى باللمح والإشارة إليها(4) .
====================
(1) التناص ( جدارية محمود درويش نموذجا)
(2) تحليل الخطاب الشعرى ص 122 د. محمد مفتاح
(3) التناص بين الاقتباس والتضمين والوعى واللاشعور ـ جريدة الخليج ملحق بيان الثقافة عدد 55 يناير لسنة 2001م
(4) ينظر تحليل الخطاب الشعرى ص 124 وما بعدها بتصرف د. محمد مفتاح