الخصائص العامة للبنية المعرفية للمتعلم [3].. بقلم د/ حسين البسومي
عضو هيئة التدريس بكلية الآداب - جامعة الوادي الجديد
المكون الثالث- التمثيل المعرفي:
التمثيل المعرفي هو استقبال المفاهيم المراد تعلمها وتسكينها في البنية المعرفية للمتعلم، وتهيئتها لتوظيفها في الإنتاج المعرفي، وهو عملية مركبة تتألف من عدد من العمليات العقلية البسيطة التي تؤلف معا سلسلة هرمية من المستويات بحيث يأتي الحفظ والتخزين في قاعدتها، ويعني الاحتفاظ بالمعلومات في صورتها الخام المدخلة، وتسكينها في البناء المعرفي للفرد أو ذاكرته حتى تمثل جزءا منها. وفي المستوى الثاني الأعلى يأتي الربط والتصنيف، ويعني ربط المعلومات المستقبَلة بتلك التي توجد قبلا في بنية المتعلم المعرفية، وتصنيفها في فئات تيسر استرجاعها، ويأتي التوليف في المستوى الثالث ويعني المواءمة بين المعلومات الجديدة المدخَلة والمعلومات القديمة الموجودة في الذاكرة، أما في المستوى الرابع فيأتي الاشتقاق والتوليد، ويعني استنتاج مفاهيم ومعلومات وأفكار جديدة، ويشهد المستوى الخامس ما يعرف بالتوظيف أو الاستخدام، ويعني استخدام المعلومات بطريقة فعالة ومنتِجة في أغراض متعددة، بينما يأتي في المستوى السادس التقويم الذاتي، ويعني تعديل وتصحيح عمليات التصنيف والتوليف أو الاشتقاق في ضوء ما يظهر من أخطاء بعد إجراء عملية التوظيف للمعلومات.([1])
وتمثل عمليتا ربط المفاهيم الجديدة بما يتصل بها من مفاهيم في البنية المعرفية المستقرة لدى المتعلم، والتوليف بينها أهمية كبيرة، حيث تمثلان محور عملية التعلم، فبهما يتحقق إدراك المتعلم للمفاهيم، فيكون قد ألم بخصائص كل مفهوم، وأنشأ علاقات دلالية ومنطقية بين كل خصائصه، وما يناسبها من خصائص المفاهيم الأخرى، وهو ما أطلق عليه أوزبل التعلم ذا المعنى، وبذلك يكون المتعلم قد هيأ بنيته المعرفية وجهزها لتوليد واشتقاق مفاهيم أخرى، بل ابتكار مفاهيم جديدة لم يستقبلها من قبل، كما يكون المتعلم مستعدا لتوظيف بنيته المعرفية في المواقف المختلفة([2]).
وتعتمد كفاءة عمليات التمثيل المعرفي على ملكة عقلية زُوِّد بها المتعلم، تمكنه من تحليل المحتوى المعرفي المقدم له إلى عناصره الأساسية المتمثلة في المفاهيم التي يتألف منها، والعلاقات المترابطة بها، وتحديد الجوهري والثانوي من كل ذلك، ثم إعادة تمثيلها على نحو يوافق البنية المعرفية المستقرة لديه، وتقل كفاءة التمثيل المعرفي إذا كانت هذه الملكة تعاني اضطرابا أو ضعفا كما هو الحال لدى فئة ذوي صعوبات التعلم، ومما يستعان به في التقليل من الأثر السلبي لمثل هذا الاضطراب ورفع كفاءة التمثيل المعرفي هو التدخل المسبق لتحليل المحتوى المعرفي المقدم للمتعلم إلى عناصره الأساسية من مفاهيم وعلاقات، وإعادة تقديمه في شكل شبكي يوافق بنيته المعرفية، فيقل بذلك أثر ضعف تلك الملكة، ويجعل عملية التعلم أكثر سرعة ودقة، ويسهم في تقويم البنية المعرفية وتصحيح بنائها، بما ينعكس إيجابا على توظيفها في السلوكيات المختلفة. وهذا ما جعل د نوفاك يأخذ خطوة بعد أوزبل، ويطور نموذجا للخريطة الدلالية التي تساعد على تنظيم المفاهيم قبل تقديمها للمتعلم بما يضمن كفاءة التمثيل المعرفي في جميع عملياته.([3])
======================
([1] )– فعالية برنامج للتعليم العلاجي في تنمية مستوى التمثيل المعرفي للمعلومات لدى تلاميذ الصف السادس الابتدائي ذوي صعوبات التعلم في الفهم القرائي، أ.د. عادل عبد الله محمد، أعمال ندوة: علم النفس وقضايا التنمية الفردية والاجتماعية، قسم علم النفس بكلية التربية جامعة الملك سعود، 2008.
([2] )-نماذج التمثيل العقلي للمعلومات وعلاقتها باستراتجييات التعلم والاستذكار، أيام وهاب رزاق، مجلة جامعة بابل، العلوم الإنسانية، المجلد 23، العدد 4: 2015.
([3] )-كفاءة التمثيل المعرفي، د. أكرم فتحي مصطفى علي، Cybrarians Journal، العدد 41، 2016م.