الصناعة المصطلحية وأثرها في الدرس اللغوي [3].. بقلم: أ.د/عصام فاروق
أستاذ أصول اللغة ووكيل كلية العلوم الإسلامية للطلاب الوافدين لشئون الدراسات العليا- جامعة الأزهر
جهود توحيد المصطلحات العربية:
سعت كثير من الجهود إلى العمل على توحيد المصطلحات العربية، ولخص د. محمد رشاد الحمزاوي منهجيات المجامع اللغوية والعلمية العربية في هذا الموضوع بأربعة مبادئ:
- الاطراد: ويعني رواج المصطلح بين المستعملين.
- يسر التداول: أي يكون اللفظ سهلا ييسر التخاطب والتواصل، بحيث لا يكون طويلا أو مركبا من جملة.
- الملاءمة: أي أن يلائم المصطلح المترجم المصطلح الأجنبي، ولا يتداخل مع غيره، وتكون تلك الملاءمة ضعيفة إن توسع معناه، وهنا المصطلح المستعمل في ميدان علمي واحد أفضل مما يشترك فيه ميدانان أو أكثر.
- الحوافز: وهو كل ما يحفز المستعمل على اختيار المصطلح، كصيغته البسيطة، وسهولة اشتقاقه، وتركيبه الصرفي، وخلوه من الغرابة…إلخ.
ويضرب لذلك مثالا بكلمة (Telephone) التي وضع لها العرب مقابلات متعددة في بداية الأمر، مثل: التليفون، الهاتف: وهو من يسمع صوته ولا يرى شخصه. والمسرّة من تسار القوم أي تناجوا، وأطلع بعضهم بعضا على سرّ ما، والإرزيز: وهو لغةً الصوت الذي تسمعه من بعيد، والآلة المتكلمة، والتلغراف الناطق، وآلة للتكلم عن بعد، وسماعة علبة الكبريت، وسماعة الحديث بالسلوك.
وأخيرا استقر الاستعمال على (هاتف) و (تلفون) لأن هذين المصطلحين تتوافر فيهما خصائص المصطلح المعياري من: اطراد، ويسر تداول، وملاءمة، وحوافز.
من أفضل المنهجيات – التي وضعت لتوحيد المصطلحات ونشرها- وأكثرها نفعًا كما أرى ما قدمه الدكتور علي توفيق الحمد, في بحثه: المصطلح العربـي (شروطه وتوحيده) فقد أفاد فيها من مقترحات التوحيد السابقة عليه, كما أن منهجيته تمتاز بالتفصيل والوضوح. وتتمثل في الخطوات التالية:
الدراسة الوصفية للمصطلحات المترادفة.
وتطبيق مبادئ التقييس عليها؛ لاختيار الأفضل منها.
ونشر المصطلح المفضل على المستوي القطري والإقليمي والقومي
وتشجيع التأليف والإبداع والعمل على تعريب التعليم الجامعي والعام
والتنسيق بين الدول العربية بشأن نشر المصطلحات وتعميمها،
وإنشاء بنك معرفي عربي واحد للمصطلحات
ونشر الوعي المصطلحي والثقافة المصطلحية.
وتشكيل هيئة عربية واحدة تتولي التنسيق بين لجان محلية متخصصة في العمل المصطلحي. ودراسة المصطلحات ومفاهيمها.
شروط المفهوم والرمز اللغوي:
من أهم شروط المصطلح بمكونيه (المفهوم-الرمز اللغوي) ما يلي:
- أن يكون المصطلح واضحًا ودقيقًا، ويتحقق الوضوح والدقة, بوضوح المفهوم, وضوحا تاما بخصائصه, وصفاته, وصلته بغيره من المفاهيم المرتبط بها، وكذلك يتحقق وضوح المصطلح ودقته بوضوح الرمز اللغوي ودلالته على المفهوم الموضوع له, دلالة ظاهرة, إذ إنه لابد من علاقة منطقية بين المصطلح ومفهومه.
- أن يكون المصطلح موجزًا كأن يكون بسيطًا (كلمة واحدة) أو مركبًا تركيبًا ثنائيًّا أو ثلاثيًّا أو رباعيًّا، أما ما زاد على ذلك فقد يفقد المصطلح شرط الإيجاز، ويُعتمد في اختصار المصطلح على ما يعرف بالعزل والانتقاء, وهو عبارة عن حذف واختصار لبعض مكونات المصطلح، وانظر معي كيف الوضع لو قلنا بدلاً من مصطلح (الصندوق الفولاذي) مثلا: (الصندوق الذي هو مصنوع من مادة الفولاذ)؟
- أن تكون هناك صلة بين مفهوم المصطلح وغيره من المفاهيم التي تنتمي-معه- إلى مجموعة واحدة.
- أن يكون المصطلح سهل النطق، وهذا يتعلق بصياغة ومكونات تركيب المصطلح لغويًّا.
- أن لا تجانب دلالةُ المصطلح اللفظية مفهومَه العلمي، وهو ما يُعبر عنه بالدقة العلمية.
- أن لا تجانب دلالةُ المصطلح الاصطلاحية دلالتَه اللغوية, وهو ما يُعبر عنه بالدقة اللغوية.
- أن يكون المصطلح موحدًا، بأن يوضع للمفهوم الواحد مصطلح واحد, وللمصطلح الواحد مفهوم واحد, دون ترادف أو اشترك.
- أن يشتمل المصطلح على بعض خصائص المفهوم؛ لأنه لا يشترط في اللفظ الذي نختاره للدلالة على مفهوم ما أن يستوعب كل صفات المفهوم.([1])
شروط تعريف المصطلح:
تعريف المصطلح من أهم الأمور, التي توضحه, وتميزه عما سواه، ولذا فهو ليس بالأمر السهل، فله شروط يجب توافرها, منها: أنه “يجب في التعريف أن يكون محددًا ودقيقًا، وأن يشتمل على الخصائص التي يتصف بها هذا المفهوم، وأن يساعد في بيان موقع المفهوم الجديد, ضمن نظام محدد من المفاهيم التي يشترك معها في مجموعة واحدة، وقد تفيد الإيضاحات في بيان المفهوم وتوضيحه وجعله دقيقًا، لكنها لا تحل محله، ولا يقبل ذلك.
وقد اشترط فيه المناطقة أن يكون جامعًا مانعًا، ويجب أن يكون تعريفًا علميًّا إذ إن ميزة التعريف العلمي عن التعريف اللغوي العادي, أن التعريفات العلمية تكوِّن مجموعة من المفاهيم الثابتة, المحدودة, على غرار المبادئ الفلسفية والمنطقية, المنتمية إلى مجموعة متماسكة متناسقة, بينما تكون التعريفات اللغوية حرة, قد تختلف من معجم إلى آخر, بحسب ميزات المعجمي وقدراته الثقافية والعقلية”([2]).
من النص السابق يتضح أن من شروط تعريف المصطلح, ما يلي:
- أن يكون التعريف محددًا ودقيقًا.
- أن يشتمل على الخصائص المميزة للمصطلح.
- أن يوضح موقع المفهوم ضمن مجموعة المفاهيم التي ينتمي إليها.
- أن يكون تعريفًا علميًّا وليس لغويًّا, ونقترح أن نتحرى الدقة اللغوية عند تعريف المصطلح تعريفا علميا.
ومن شروطه أيضًا:
- الاختصار والإيجاز.
- السهولة والوضوح ([3])
- الانطلاق من المفهوم لتحديد المصطلح، وليس من المعنى العام, أي البدء بتعيين المفهوم لتسمية مصطلح ما([4])
- ======================
(1) في المصطلح العربي (قراءة في شروطه وتوحيده) نسخة إلكترونية، مصطلحاتنا اللغوية بين التعريب والتغريب, نسخة إلكترونية، مصطلحات علم التجويد في ضوء علم المصطلح الحديث(66) رسالة دكتوراة مخطوطة بمكتبة كلية اللغة العربية بالقاهرة, للباحث حمدي صلاح الدين السيد,(نسخة الباحث).
(2) في المصطلح العربي (قراءة شروطه وتوحيده) نسخة إلكترونية.
(3) صناعة المعجم الحديث (122), د. أحمد مختار عمر, ط عالم الكتب, أولى, 1418هـ 1998م.
(4) المعجم العلمي المختص (المنهج والمصطلح) د. جواد سماعنه، بحث منشور بمجلة مجمع دمشق(980) م75 2000م. نسخة إلكترونية.