حقوق النشر محفوظة لموقع كنوز العربية

(رؤيا بباب الغار) قصيدة للأستاذ الدكتور/ عبد الحميد بدران

أستاذ الأدب والنقد ووكيل كلية اللغة العربية بالمنصورة- جامعة الأزهر

آنَسْتُ مَعْنًى لِضَوءٍ يَعْبرُ الآنا  
  يُرسي لِمَوْجِ الرُّؤَى في الأرْضِ شُطآنا
لا دَمْعَ يَعْصِمُ بَوْحَ الشَّوْق مِنْ شَغَفٍ  
  مُذْ أرّخَ الماءُ بالجُودِيِّ طُوفانا
الآنَ يَعْبرُ مَنْ في مَوْجِهمْ شَرَدُوا  
  إلى بِقَاعٍ تُذِيبُ القَلْبَ تَحْنانا
الآنَ ..لا بَوْصَلاتُ الشِّركِ تَرْصُدُهمْ  
  وَلا البِقَاعُ بِهِمْ تَرْتَدُّ أَوْثانا
وَفي العُيُون رُؤى تَسْعَى عَلَى هُدُبٍ  
  وَلِلسُّرَاةِ جَوى يَمْتَدُّ أَكْوَانا
وَلِلْمَدَى هَدْأَةٌ تُصْغِي لَها حُجُبٌ  
  وَفي السَّمَا أَحْرُفٌ تَنْسَابُ قُرْآنا
الآنَ يَعْبُرُ ضَوْءٌ ما اسْتَقَلَّ رُؤى  
  مِنْ صُلْبِ آدَمَ حَتَّى اجْتَازَ نِيرَانا
وَالأرْضُ نَبْضُ حَصى يَلْقَاهُ تَلْبِيَةً  
  والبَدْرُ في نُورِهِ يَنْشَقُّ إِيمَانا
وَالغَارُ وَجْهُ يَتِيمٍ ذَاقَ مِنْ يَدِهِ  
  طُفُولَةَ الـمَسِّ حَتَّى نَامَ يَقْظانا
وَقَفْتُ بالبَابِ لا أَقْوَى عَلى شَغَفي  
  وَفي الضُّلوعِ جَوى يَنْدَاحُ أوْطانا
أُصْغي لسِرْب هُيَامٍ فيَّ يَعْرِفُهُ  
  مُذْ كُنْتُ في رَحِم الألْواحِ إِمْكانا
أُنَقِّلُ الخُطْوَ في يمُناهُ قَافِيَةً  
  وَأُتْبِعُ الحَرْفَ في يُسْرَاهُ أوْزَانا
عَلِّي أَفيءُ يَتيمًا في مَحْبَّتِهِ  
  أَقْتَاتُ حِكْمَتَهُ في الشِّعْرِ إِتْقَانا
بِمَنْ أَلوذُ لأبْقَى رَهْنَ بُرْدَتِهِ؟  
  وَالرَّاحِلونَ مَضَوا كَعْبًا وَحَسّانا
لَوّحْتُ في إِثْرِهِمْ لَمْ يَفْهَمُوا لُغَتي  
  وَغَلَّقُوا الشَّوقَ في عَينيَّ مَيْدَانا
لَمْ يُدْرِكُوا أَنَّني آنَسْتُ قَافِيَتي  
  وَجِئْتُ أَرْتِقُ مَا فَتَّقْتُ أَزْمَانا
لَمْ يُدْرِكُوا لَهْفَةً أَرْخَتْ عَلَى صُحُفي  
  شُجُونَ أَرْضٍ بَكَتْ قَيْسًا وَعََدْنانا
وَقَفْتُ بالبَابِ فَائْذَنْ لي لقَدْ خَجِلَتْ  
  مِنّي الشُّجُونُ وَصَاحَ القَلْبُ : أيَّانا
وَفي العُيُونِ سَلامٌ مَنْ سَيُبْلِغُهُ؟  
  وَالعَنْكَبُوتُ تَحُوكُ الشَّوْقَ خِيطانا
وَبِي مَحَبَّةُ زَيْدٍ صِدْقُ صَاحِبهِ  
  لَمَّا تَدَثَّرَ جُنْحَ اللَّيْلِ كِتْمَانا
وَبِي يَقِينُ أَبِي حَفْصٍ وَلَهْفَتُهُ  
  دَمْعُ الحُسَيْنِ إِذَا يَنْسَابُ أَشْجَانا
لِمَنْ أُرَدِّدُ مَا أَوْصَى الحَمَامُ بِهِ؟   
  لَمَّا تَسَوَّرَ صَخْرَ الغَارِ أَغْصَانا
لِمَنْ أَبُوحُ؟ ذَوَتْ أَغْصَانُ قَافِيَتي  
  وَاسّاقَطَ الشَّوْقُ مِنْ عَيْنَيَّ هَيْمَانا
مُحَمَّدٌ .. وَانْحنَتْ سُحْبٌ تُظَلِّلُهُ  
  فَكَانَ غَيْثًا بِهَا يَنْسَابُ غُفْرَانا
وَالـمَاءُ تَسْبيحَةٌ مِنْ فَيْضِ رِقَّتِهَا  
  أَفْضَى بِهَا حَجَرٌ فامْتَدَّ رَيْحَانا
وَحَنَّ جِذْعُ الرُّؤَى إِذْ كَانَ يَعْبُرُهُ  
  إلَى عُيُونٍ جَفَتْ في الخَدِّ أَجْفَانا
وَلَمْ أَزَلْ وَاقِفًا بِالبَابِ يَدْفَعُني  
  مَوْجُ السُّرَاةِ إِلى الـمُخْتَارِِ إذْعَانا
مِنْ أَيْنَ جَاءُوا؟ وَمَنْ أسْرَى بِأَعْيُنهمْ؟  
  وَأَثْمَلَ القَلْبَ تَهْيَامًا وَتَحْنَانا
وَمَنْ بِجُنْحِ الرُّؤَى أَسْرَى بِقَافِيَتي؟  
  وَطَيَّرََ الشَّوْقَ في الأَحْدَاقِ دِيوَانا
وَفِي الضُّلُوعِ هَدِيلٌ مَنْ سَيُوقِفُهُ ؟  
  وَمَنْ يُعِيدُ الرُّؤَى كَيْ أَعْبُرَ الآنا؟

اظهر المزيد

ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
ArabicEnglishGermanUrdu