الفرق بين الأمنية والأمل عند ابن القيم .. بقلم أ.د/ أحمد علي ربيع

الأمنية والأمـل:

يفرق ابن القيمِّ بين الأمنية والأمل, فالأولى:  ما يتمناه العبد من الحظوظ وجمعها أماني وقد تتعلق بما لا يرجى حصوله, كما يتمنى العاجز المراتب العالية, أما الأمل فيتحقق بما يرجى وجوده[1]. ويفهم من عبارة ابن القيم “وقد تتعلق بما لا يرجى حصوله” أنها أعم من الأمل, فهي تتعلق بما يرجى حصوله, وما لا يرجى حصوله, أما الأمل فيقتصر على ما يرجى حصوله فقط, وهذا ما أكده أبو العباس أحمد بن يحيى، حيث عرف التمني بأنه: حديث النفس بما يكون وبما لا يكون”[2]. وزاد عليه ابن الأثير “تشهي حصول الأمر المرغوب”[3]. ويرجع بعضهم التمني إلى التقدير, فيقول: “تمنيت الشيء: أي قدّرته، وأحببت أن يصير إلَيّ, من المَنَى, وهو القدر[4]. ويرى الكفويّ أن الأمل ما تقيدّ بالأسباب، والأمنية ما تجردت عنها[5]. ويرجع الراغب مادة “م ن ى” إلى التقدير, فالتمني: تقدير شيء في النفس، وتصويره فيها, وذلك قد يكون عن تخمين وظن, ويكون عن روية وبناء على أصل, لكن ما كان أكثره عن تخمين صار الكذب له أملك, فأكثر التمني تصور ما لا حقيقة له … والأمنية: الصورة الحاصلة في النفس من تمني الشيء[6]. وفسّر اللغويون الأمل بمعنى الرجاء[7]، في حين فسره المفسرون بـ “توقع الخير بطول الأعمار واستقامة الأحوال في الدنيا وحسن المآب في الآخرة[8].

ويتضح مما سبق أن الأمل رجاء والأمنية للنفس وأن الأمل يتعلق بالأسباب والأمنية قد تتعلق بها وقد لا تتعلق, وأن الأمل أخص والأمنية أعم وأن الأمنية قد تكون عن تخمين وظن، وقد تكون عن رويه وبناء، وهي تتعلق بما يرجى حصوله، بعكس الأمل.

[1] مدارج السالكين 3/93

[2] اللسان “منى”

[3] السابق والصفحة ذاتها

[4] اللسان “منى”

[5] الكليات ص 187

[6] المفردات ص 478 “منى”

[7] العين 8/347 “أمل” واللسان “أمل”

[8] الكشاف للزمخشري 2/386 بتصرف

[9] مدارج السالكين 3/55 وطريق الهجرتين ص 389

[10] روضة المحبين ص 64 وطريق الهجرتين ص 389 بتصرف يسير

[11] مدارج السالكين 3/55 وروضة المحبين ص 63

[12] اللسان “شوق” والعين 5/184

[13] السابق “شوق”