سر تسمية الإنسان بهذا الاسم !!
بقلم أ.د/ عصام فاروق
هل سألت نفسك يوما لماذا أطلق على الإنسان لفظ (إنسان)، ومن أين أخذت هذه الكلمة أو اشتقت، في هذه الحلقة سنقف عند سر تسمية الإنسان بالإنسان.
يقول بعض العلماء: سمي الإنسان إنسانا لأنه ينسى، أي أنه مأخوذ من النسيان، وأورد الأزهري (( روي عن ابن عباس،رضي اللَّه عنهما، أَنه قال: إِنما سمي الإِنسان إِنساناً لأَنه عهد إِليه فَنَسيَ، قال أَبو منصور: إِذا كان الإِنسان في الأَصل إِنسيانٌ، فهو إِفْعِلانٌ من النِّسْيان، وقول ابن عباس حجة قوية له)) [تهذيب اللغة: أ. ن. س ]
ويؤكد هذا الرأي قولُه تعالى: (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آَدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا) طه 115 فكأنها صفة ورثناها عن سيدنا آدم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام.
وقيل الإنسان من الإيناس، وهو الإبصار، أي لأني مرئي ومبصَر، يقول الأزهري: (قلت: وأصل الإنس والأنَس والإنسان من الإيناس، وهو الإبصار، يقال: أَنَسْتُه وأنسِته: أي أبصرته) التهذيب 13/89 ومنه قوله تعالى (فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آَنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا) أي رأى، ومما يؤكد هذه التسمية أن الإنسان يبصُر، في مقابل الجن الذي لا يبصُر.
يقول الأزهري: (وقيل للإنس إنسٌ لأنهم يؤنسون: أي يبصَرون كما قيل للجن جن؛ لأنهم لا يؤنسُون، أي: لا يرون) التهذيب 13/89
وقيل هو من الأنس؛ لأنه يأنس بغيره، قال ابن فارس: (أنس الإنسان بالشيء إذا لم يستوحش منه) [مقاييس أ.ن.س] وهو ما يؤكد الوجهة الاجتماعية للإنسان، من حيث حاجته إلى غيره ليعيش معه ويأنس به، ولعل النهار يساعد على ذلك، بخلاف الليل الذي يأوي فيه كل واحد إلى مكانه ويترك البعض للوحدة والتوحش، ومما قيل في ذلك: إذا أقبل الليل أنس كل وحشي، واستوحش كل إنسي. يقول الفيروزآبادي (سمي به؛ لأنه يأنس ويؤنس به) بصائر ذوي التميز:1/31
يقول الشاعر:
وما سمي الإنسان إلا لأنسه:: ولا القلب إلا أنه يتقلب
ومن الواضح أن مأخوذ هنا من الأنس، وهناك رواية للبيت :
*وما سمي الإنسان إلا لنسيه*
وهو هنا مأخوذ من النسيان.
وقيل من النوس، (وقيل: اشتقاقه من النوس بمعنى التحرك، سمي بتحركة في الأمور العظام، وتصرفه في الأحوال المختلفة وأنواع المصالح) بصائر ذوي التميز: 1/31
وقد ورد هذا اللفظ في القرآن الكريم وأريد به شخص بعينه من الإنس:
من ذلك إطلاق الإنسان وإرادة آدم (هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا) [الإنسان: 1]
أو إطلاقه وإرادة: الوليد بن المغيرة (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) [التين: 4]
أو إطلاقه وإرادة أبو جهل (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى) [العلق: 6]
خلاصة هذا كله أن الإنسان سمى بذلك:
من النسيان؛ لأنه ينسى.
أو من الإيناس، وهو الإبصار، لأنه يبصُر أو يُرى.
أو من الأنس، لأنه يأنس ويؤنس به.
أو من النوس، وهو التحرك؛ لأنه متحرك.