قصيدة (سَاءَلَتْ أَهَلَهُ مِصْرُ) شعر د/ عبد الحكيم البركاوي
سَاءَلَتْ أَهَلَهُ مِصْرُ
(فقد صديقي العزيز د. عبد الحكيم البركاوي ابن أخته غريقا شهيدا بإذن الله، لكنهم لم يعثروا على جثمانه منذ أكثر من عشرين يوما، فحرك ذلك مشاعر شاعرنا فأنشد هذه الأبيات، أسأل الله أن يرزقهم الصبر والسلوان وأن يبرد قلوبهم برؤية جثمانه ودفنه بمقابر عائلته):
يقول د. عبد الحكيم:
بِنَفْسِي ابْنُ أُخْتٍ ضَمَّهُ الْقَلْبُ وَالْغَمْرُ
بِنَفْـسِي هِــــــلَالٌ آَفِــلٌ قَبْـلَهُ الْبَـدْرُ
وَآَهَــــــــــــــــــاتُ أُمٍّ فَــارِغٌ فِيهِ قَلْبُهَا
وَمَنْ مِثْلُهَا فَقْــــــدٌ لَهُ الـدَّمْعُ وَالْعُـذْرُ
بِنَفْسِي أَبٌ جَـــاثٍ عَلَى الشَّطِّ رَابِضٌ
فَــــــــذَا قُـرَّةُ الْعَيْنَيْنِ ضَـنَّ بِـهِ النَّـهْرُ
فَقَدْنَاهُ فَقْـدَ الـــــــــــدُّرِ غَـارَتْ مَحَـارُهُ
بِلُـجٍّ غَشَـــــــاهُ الْمَـوْجُ وَالْمَدُّ وَالْجَزْرُ
تَـوَافَـدَ غَوَّاصُـوهُ حَـــــــــــــوْلَ ضِفَافِهِ
فَمَنْ رَاشِـــــــدُ الْغَوَّاصِ حَارَ بِهِ الْغَوْرُ
بِمَاءٍ بَعِيدِ الْقَــــــــــــــاعِ يَعْلُو سَحِيقَهُ
شُجَيْرَاتُ تُــــــــوتٍ فِي أَكِمَّتِهَا الْأَسْرُ
وَغَشَاهُ أَحْبَابٌ وَأَهْــــــــــــــلٌ وَصُحْبَةٌ
وَمِنْ كُلِّ فَجٍّ سَـــــــــاءَلَتْ أَهَلَهُ مِصْرُ
فَــــــــــ يَا لَكَ مَفْقُودًا أَفَضْتَ دُمُوعَهُمْ
وَقَدْ فَـــاضَ بِالْأَحْزَانِ مِنْ فَيْضِهَا النَّهْرُ
ثَوَيْنَا بِشَــــــــــــطِّ الْيَـمِّ نَـرْقُبُ عَـوْدَهُ
لَيَالِيَ تِلْوَ أُخْرَى وَقَدْ أَوْشَكَ الــــشَّهْرُ
إِلَهِي بَرِئْنَا مِن طَـــــــــــــلَاسِمِ زُمْرَةٍ
أَضَلُّوا وَضَلُّـــــــــــــــوا وَاتِّبَاعُهُمُ النُّكْرُ
فَمَنْ غَيْرُ رَبِّي يَكْشِفُ السُّـــوءَ غَوْثَةً
مُجِيـبًا لِمُضْـــــــــــــطَـرٍّ تَحَـزَّبَهُ الْأَمْـرُ
إِلَهِي لَقَـــــــــدْ أَنْجَيْتَ يُونُسَ رَحْمَةً
بِسُبْحَانِـكَ الَّلهُـــــــمَّ فَانْكَشَـفَ الضُّرُّ
فَسُبْحَــــــــــانَ عَلَامِ الَغُيُوبِ نَصِيرِنَا
وَسُبْحَــــــانَ مَنْ يُهْدَى بِهِ البَّرُّ وَالْبَحْرُ
تَعَلَّقَتِ الْآَمَــــــــــــــالُ مِنْـكَ بِرَجْعـِهِ
وَمَنْ حَسْبُهُ الْمَوْلَــــى تَبَدَّى لَهُ الْيُسْرُ
وَدَاعٍ دَعَا أَنْ يَكْشَـــــــــــفَ اللهُ نَهْرَهُ
وَسَـائِـلُ رَبِّي لَا يَخِــــــــــــيبُ لَـهُ أَمْــرُ
وَحَسْبُكَ مَنْ فَقَدَ الثَّــــــــــلَاثَةَ وَعْدُهُ
لِمَـنْ يَفْقِــــــــــــدُ الْأَبْنَاءَ شِيمَتُهُ الصَّبْرُ
بِجَنَّـــــــــــــاتِ فِرْدَوْسٍ وَبَيْتٍ بِحَمْدِهِ
وَصُحْبَةِ عَـــــــــــدْنَانٍ إِذَا نُودِيَ الْحَشْرُ
وَمَا الرُّزْءُ أَنْ يُودَعَ التُّـــــــــــربَ غَائِبٌ
بِلِ الرُّزْءُ كُلّ الـــــــــــرُّزْءِ أَنْ يَهْلِكَ الْأَجْرُ