حقوق النشر محفوظة لموقع كنوز العربية

الموجز في مناهج النقد الأدبي الحديث [2] بقلم أ.د/ عادل الفقي

أستاذ مساعد ورئيس قسم البلاغة والنقد بكلية اللغة العربية بالمنوفية- جامعة الأزهر

(يكمل الكاتبُ حديثه عن أقسام مناهج النقد الأدبي الحديث، بعد أن ذكر في المقال السابق: مناهج ما قبل الحداثة، ومناهج الحداثة):

ثالثا: مناهج ما بعد الحداثة (المناهج المختلطة)

وهي التي جمعت ما بين المناهج الكلاسيكية والمناهج الرومانسية، وتشمل:

1) القراءة والتلقي، وقد نشأت نظرية التلقي عند الغرب ردا على الاتجاهات النقدية التي كانت سائدة، بحيث ركز بعضها على مبدع العمل الأدبي، وركز بعضها الآخر على النص، فأهملوا بذلك العنصر الثالث المهم من عناصر العملية الإبداعية، وهو القارئ أو المتلقي، ولم يلق الاهتمام الكافي إلا بعد أن قامت مدرسة كونستانس الألمانية في أوائل السبعينيات، في أكبر محاولة لتجديد دراسات النصوص على ضوء القراءة ونادى رائداها: هانز روربرت، وفولفجانج إيرز بالانتقال في الدراسة، من العلاقة بين الكاتب ونصه، إلى العلاقة بين القارئ والنص، ومن جماليات وأسس نظرية التلقي:

1- القارئ هو المستهدف في أي عمل أدبي، ولا قيمة لذلك العمل إلا في أثناء قراءته؛ لأن القراءة بتحقيق التفاعل بين القارئ ومادة النص المكتوب تبعث الحياة في حروفه وكلماته الميتة.

2- إن النص الأدبي، بطبيعته المجازية، نص مفتوح يسمح بتعدد القراءات، وهذا التعدد هو الذي يخصب النص ويغنيه.

3- ليس ضروريا أن يقرأ النص في إطاره التاريخي، فللقارئ مرجعياته التي تمكنه من تشكيل المعنى الأدبي للنص.

4- القراء لا يتساوون في نظرتهم إلى النص، فقد تم تقسيمهم ثلاثة:

أ) القارئ العادي، وهو الذي لا يقدم أي إضافة للنص، وهذا قارئ سلبي.

ب) القارئ العارف أو المهتم، وهو الذي يستطيع بما أوتي من خبرة إعادة إنتاج النص الأدبي في نفسه.

ج) القارئ الناقد وهو الذي لا يستطيع إنتاج النص في نفسه فقط، بل على الورق أيضا، أي أنه قادر على صياغة النص من جديد في قراءة تؤثر بدورها في قارئ آخر من النوع الأول أو الثاني، وهذه القراءة يسميها أقطاب مدرسة كونستانس: القراءة المنتجة.

5- لا وجود لقراءة محايدة، ولابد من توفر الحد الأدنى من الموضوعية لدى القارئ الجيد ليتمكن من إعادة بناء السياق المناسب للنص، وموضوعية الناقد-عندهم- لا تقاس إلا بدقته في تطبيق النموذج التأويلي الذي اختاره، والأثر الأدبي نفسه في رأيهم يبرمج عملية التلقي.

6- يرفض أصحاب نظرية التلقي أي معيار إيديولوجي سابق؛ لأن الإيمان ببعض المعايير الأيديولوجية يؤثر في تفاعل النص والقارئ، وربما يعيق هذا التفاعل عندما تتحول هاتيك المعايير إلى موضوع ينشده القارئ في النص، بينما القراءة الجيدة هي التي تقوم على التوفيق بين ما لدى القارئ من معارف، أو خبرة، وبين نسيج النص الداخلي

7- القراءة المنتجة، أو القراءة الفعلية، ضرب من المداورة أو المراوغة والتجسس على الكلمات، وهي بحث عن المضمر، واقتحام للمجهول

8- ويستخدم مبتكرو نظرية التلقي مصطلح أفق الانتظار، أو التوقع، أو الانتباه، ويعنون به استحالة فصل النص الذي نقرأه عن تاريخ تلقيه، والأفق الأدبي الذي ظهر فيه وانتمى إليه أول مرة، فالنص وسيط بين أفقنا والأفق الذي مثله أو يمثله، وعن طريق التداخل بين هذين الأفقين تنمو لدى مستقبل النص القدرة على توقع بعض الدلالات والمعاني، ولكن هذا التوقع لا يستتبع بالضرورة تطابق المعاني التي نتوصل إليها مع تلك التي تحدث عنها القدماء، وهذا ما يسمى كسر حاجز التوقع الذي هو في نظر جماليات التلقي شيء ينم عن أن القراءة المنتجة تضيف للنص شيئا جديداكذلك إذا جاء الشاعر أو الكاتب ببعض النتائج التي تخالف توقع القارئ محدثا شيئا من الدهشة أو الصدق، فهذا أيضا من باب كسر توقع القارئ، أو الانزياح الجمالي.

2) منهج النقد الثقافي، وهو منهج يعنى ببيان الأنساق الثقافية المضمرة في النص، كما يعنى ببيان الخلفية الثقافية للنص ولمبدعه، ومدى تأثر النص بثقافة عصره، ومدى ثقافة صاحبه، ومدى تأثير النص في ثقافة عصره وما بعد عصره، ويعد كتاب طه حسين (مستقبل الثقافة في مصر) نقدا ثقافيا ينقل لنا رؤية المؤلف لخطة مستقبل الثقافة في مصر، وتتبدى خطورة هذا المنهج في أنه يتخذ من الثقافة بديلا عن النقد والبلاغة، فهو يلغي دور النقد والبلاغة في النص، ويعتمد اعتمادا كليا في تحليل النص على الثقافة في التناول والشرح والتحليل.

3) منهج النسوية أو النقد النسوي، ويعنى به دراسة أدب النساء، كما يعنى أيضا مدى تناول المرأة في النصوص الأدبية.

اظهر المزيد

ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
ArabicEnglishGermanUrdu