اضطراب البنية المعرفية [صوره وآثاره] .. بقلم د/ حسين البسومي

تعتمد سرعة التعلم وكفاءته على قدرة المتعلم على إحداث ترابطات جوهرية مدخلة أو مشتقة بين المادة الجديدة موضوع التعلم، ومحتوى البنية المعرفية لديه بخصائصه الكمية والكيفية، كما تعتمد على قدرته على إحداث تكاملات وتمايزات بين المعلومات السابقة والمعلومات الجديدة، وقدرته كذلك على تمثيل المعلومات الجديدة بنواتجها المؤلَّفة والمشتقَّة، وتوظيفها وتحويلها وتسكينها بوصفها جزءا دائما من بنيته المعرفية. وفي المقابل فإن اضطراب التعلم يمكن إرجاعه إلى ضحالةِ البنية المعرفية، والافتقارِ إلى قاعدة من المعلومات والمفاهيم بما يؤثر على حجم شبكة ترابطات المفاهيم وفاعليتها، ويؤدي إلى صعوبة تنظيم المعرفة لدى المتعلم في أطر، أو صيغ ذات معنى. ^([1])

يؤدي القصور والاضطراب الذي قد يصيب أحد مكونات التعلم ذي المعنى إلى ضعف في الإنتاج اللغوية والمعرفي للمتعلم، ولعل أول مسببات ذلك هو ضعف قدرة المتعلم على الانتباه والتركيز على المفاهيم المراد تعلمها، حيث يؤدي ذلك إلى عدم قدرته على تحليل المحتوى المعرفي المقدَّم إليه إلى عناصره ووحداته الأساسية، فتُصاب عمليات التمثيل المعرفي بالتشوش والضعف والسطحية بل الاختلاط والخطأ.^([2]) ومن أسباب ذلك أيضًا ضعفُ الفهم القرائي لديه، الذي يؤدي إلى اضطراب تمثيل المحتوى المعرفي المقدم له وتحليله إلى عناصره المكونة له، وبذلك يكون ضعف الفهم القرائي سببا ونتيجة، فهو سبب في عدم القدرة على تحليل عناصر المحتوى المعرفي المقدم، ومن ثم إحداث الخلل في البنية المعرفية، الذي يؤدي إلى ضعف الإنتاج المعرفي لدى المتعلم في المواقف المختلفة، ومن ذلك اضطراب فهمه لما يقرؤه.^([3])

ونظرا لأن المعارف القرآنية تُقدَّم للمتعلمين في نصوص تتباين خصائصها الأسلوبية، وتتفاوت من حيث الوضوح والغموض، والتفصيل والإيجاز تبعا لاختلاف المفسرين وتنوع أهدافهم، فإن ذلك يمثل تحديا إضافيا أمام المتعلمين، وبخاصة من يعاني منهم ضعف القدرة على تحليل المقروء وفهمه، فلا يتمكنون من تحصيل مراد المعارف القرآنية، وتمثل ما تدعو إليه من أخلاق وسلوكيات على النحو المأمول.

====================

⁽[1]⁾ صعوبات التعلم (الاستراتيجيات التدريسية والمداخل العلاجية)، أ.د. فتحي الزيات، دار النشر للجامعات، القاهرة، 2007م، ص494-495.

⁽[2] ⁾ فعالية برنامج للتعليم العلاجي في تنمية مستوى التمثيل المعرفي للمعلومات لدى تلاميذ الصف السادس الابتدائي ذوي صعوبات التعلم في الفهم القرائي، أ.د. عادل عبد الله محمد .

⁽[3]⁾ صعوبات التعلم (الاستراتيجيات التدريسية والمداخل العلاجية)، أ.د. فتحي الزيات، ص 498.