أساليب العرب والأعراب في الدعاء على الإنسان دراسة في ضوء علم اللغة الاجتماعي [الحلقة الخامسة عشرة].. بقلم أ.د/ فاطمة رجب
أستاذة أصول اللغة ووكيلة كلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات بالقاهرة
الدعاء بقلة الماء
كان للماء عند العرب كغيرهم من الشعوب مكانة عالية “وفي الأخبار المروية عن الجاهليين وغيرهم من تقديس بعض الآبار والعيون، والتبرك بشرب الماء منها، دليل على نظرة التقديس التي نظرتها الشعوب السامية وغيرها إلى الماء. فالماء هو الحياة. وفي القرآن الكريم: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ) [1].
ولا بد أن تكون هذه النظرة التقديسية هي التي حملت الجاهليين على تقديس بئر زمزم. ولا يقدر أهمية البئر حق قدرها إلا قطان هذا البلد الكائن في واد غير ذي زرع وماء، ولولا زمزم والآبار الأخرى التي احتفرها أهله، والآبار والعيون الواقعة في أطرافه، يحملون منها الماء إلى بلدهم حملًا، لهلك أهله، أو هجروه. ولا يدرك المرء قيمة الماء إلا إذا كان في صحراء فقرة لا ماء فيها ثم نفد ماؤه. ولهذا كان الغيث رحمة عظمى للأعراب، يغيثهم بعد أن يتعرضوا للجدب والهلاك[2].
ومن دعائهم على الإنسان بالعطش قولهم :
ـ “( ألزق الله به العطش والنطش ) ، و( ألزق الله به الجوع والنوع ) . النوع : العطش “[3]
ـ “(رماه الله بالحِرَّةِ والقِرَّةِ ) أي العَطشِ والبرد”[4]
===============
[1] ـ سورة الأنبياء من آية 30
[2] ـ المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام. د/ جواد علي ج 13 ص 157 ، 158
[3] ـ ذيل الأمالي والنوادر ص 68 ، 69
[4] ـ المحكم والمحيط الأعظم ( ح ر ر )