أساليب العرب والأعراب في الدعاء على الإنسان دراسة في ضوء علم اللغة الاجتماعي [الحلقة السادسة عشرة].. بقلم أ.د/ فاطمة رجب

 الدعاء بالذل والصغار

عرف العربي في الجاهلية بالشجاعة ، وعزة النفس ، والوفاء بالعهد ، والكرم ، وغيرذلك  من الصفات الحميدة ، حتى عرف ” من شجعانهم المشهورين : عمرو بن معديكرب ، وعنترة بن شداد العبسي “[1]

   كما كان “من أشهر كرمائهم الذين يضرب بهم المثل في السخاء والكرم : حاتم الطائي، وهرم بن سنان، وكعب بن أمامة الأيادي ، وعبدالله بن حبيب العنبري ،وعبد الله بن جدعان التميمي “[2]

ثم إنه لما جاء الإسلام بتعاليمه السمحة وجدنا جيلا من صحابة الرسول جمعوا مكارم الأخلاق التي بعث رسولنا ( صلى الله عليه وسلم لإحيائها ومنها :” علو النفس، وصفاء الطبع، ورقة الجانب، وبسط الجناح، ورجاحة اليقين، وتمكن الإيمان إلى سلامة القلب، وانفساح الصدر، ونقاء الدخلة، وانطواء الضمير على أطهر ما عسى أن يكون في الإنسان من طهار الخلق، ثم العفة في مذاهب الفضيلة، من حسن العصمة، وشدة الأمانة، وإقامة العدل، والذلة للحق، وهلم إلى أن تستوفي الباب كله”[3].

     ومثل هذه الصفات الحميدة من شأنها أن تجعل الإنسان مفتخرا بنفسه معتزا بها ، ولعل ما يؤكد ذلك هو دعاء العرب على الإنسان بالذل والهوان والصغار ؛ لما يعلمونه من الأثر السلبي لمثل هذه الصفات على الإنسان ، فهي تحطيم لذاته وكيانه ورجولته .

ومن أمثلة الدعاء على الإنسان بالذل والهوان :

ـ ” أرْغَم الله أنفَه : ألزَقه بالرَّغام وهو التراب”^[4]

ـ ” رغما دغما شنغما : دعاء . وهو اتباع ، قال أبوالحسن : رغما : أي أرغم الله أنفه ودغما مثله وشنغما توكيد”[5]

ـ “” وفي الدعاء على الإنسان : ( حقرت ونقرت ) أي : صرت حقيرا نقيرا “[6]

ـ ” وفي الدعاء حقْراً له ومَحقَرة وحَقارة : كله راجع إلى معنى التصغير ورجل حيْقَر – ضعيف منه”[7] .

ـ ” رماه اللهّ بالقُلِّ والذُّلِّ أي : بالقِلَّة والذِّلَّة.”[8]

ـ “ماله طال عسفه أي : هوانه”[9]

ـ “بفيه الأثلب والإثلب والكثكث والكثكث أيضا أي التراب والدقعم والحصلب وهو التراب (بفيه البرى ) قال أبوعلي :التراب”[10]

ومنه أيضا : ” أخابه الله وأهابه :جعله يتهيب “[11]

=======================

[1]ـ العرب والعربية للسيد عبد الرحمن السيد محمد العيدروسي ص 35 { مطبعة دار التأليف . مصر .1384 هـ ـ 1964م }

[2] ـ السابق ص 35

[3] ـ تاريخ آداب العرب لمصطفى صادق الرافعي (ت 1356هـ) ج 2 ص 65، 66{دار الكتاب العربي }

[4] ـ المخصص ج 3 ص 472

[5] ـ ذيل الأمالي ص 65

[6] ـ كتاب الأفعال لابن القطاع الصقلي ( ت 515 هـ)  ج 1 ص 234 { عالم الكتب . ط. الأولى . 1403 هـ ـ 1983م }

[7] ـ المخصص ج 3 ص 402

[8] ـ الجمهرة ( ق ل ل )

[9] ـ ذيل الأمالي ص 67

[10] ـ ذيل الأمالي ص 66

[11] ـ السابق ص 68