حقوق النشر محفوظة لموقع كنوز العربية

مقدمة كتاب (أنيس الباحثين) للأستاذ الدكتور/ عصام فاروق

مقدمة أنيس الباحثين

الحمد لله رب العالمين، حمدًا لا يقف عند حدٍّ، ولا يحصيه عدٌّ، حمدًا نسترضي به ربَّنا لعله يرضى عنا، على الرغم مما اقترفته أيدينا مما هو أعلم به منا. ونصلي على خير الخلق، وحبيب الحق، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم صلاةً تُفتح لنا بها المغاليق، ونستعين بها على ما أخذناه على أنفسنا من العهود والمواثيق، وعلى آله، وأصحابه والتابعين، ومن تابعهم إلى يوم الدين.

وبعد،،

فإني لم أرد لكتابي هذا أن يكون مرجعًا علميًّا في مجال البحث العلمي، فمثل هذا كثيرٌ، بما قد يغني عن تكرار ما فيه، وإنما أردتُ له أن يكون أنيسَ الباحثين في رحلتهم العلمية الصعبة، التي لابد أن يذوق مرارتَها كلُّ من سار على هذا الطريق، فهو بحق طريقٌ محفوف بالمكاره، نسأل الله لنا ولكم السلامة والتوفيق.

أردتُ له أن يقرأه الباحثون وطلابُ العلم في مواصلاتهم العامة، واستراحاتهم الخاصة بين المحاضرات والاجتماعات، وعند غفواتهم قبل النوم، فإن هم خصصوا له وقتًا غير ذلك فهو تقديرٌ منهم له أشكرهم عليه.

أردتُه أن يخاطب قلوبهم من خلال خاطرات عقلِ باحثٍ خاض التجربة، وذاق المرارة فاستطعمها قبلهم، ثم يخاطب عقولهم ببعض المعلومات المنهجية الواردة فيه. وهو في ذلك كله خاضع لتقييمهم، فقد يُعجبون ببعضه بينما لا تعجبهم أبعاضه الأخرى، وقد يعطونه أكثر مما يستحق، والأمر إليهم فلينظروا كيف يُقيِّمون، فبتقييمهم – سوف يأتي بعون الله- التقويم.

أردتُ فيه أن يجمع مادةً علميةً عامةً تكون زادًا للسائرين عمومهم في طريق البحث العلمي الوعر، لكني لم أستطع الفكاك عن تخصصي في اللغة العربية فجاءتْ بعضُ الأمثلة والنماذج لغويةً متخصصةً رغم الخاطر، فليغفروها لي، وليعلموا أنهم واقعون في ذلك – إن شاء الله لا محالة- عندما يكتبون في مثله، فلا تَلُم قارئي العزيز لئلا يُلام عليك.

أردتُ لكتابي هذا أن يحار في تصنيفه الباحثون، فهل هو كتاب أكاديمي، يستند إلى أسس علمية، روعي فيه التوثيق، وعمق بعض الأفكار، أو هو مجموعة من المقالات القائمة على صيد الخواطر وثمرات الخبرة؟ هل هو كتاب علمي ألبسه صاحبه رداءً أدبيًا، فجاءت بعض عباراته محملة بشحنات استعارية وتشبيهية أو عمل أدبي محشو بمادة علمية لا مجال للخيال فيها؟ هل يعبر عن رأي كاتبه في كثير من القضايا أم هو نقل أمين لما سطره السابقون إلى هذا المجال؟  فليحاروا في سبيل ذلك ما يحارون، فالنفس الإنسانية تأبى الغنيمة الباردة.

أردتُ أنْ أَرسُم الابتسامات فوق شفاه الباحثين، بتضمين كتابي مطارحات تَمَسُّ شعورهم، وتربت على نفسيتهم، فتباغتهم الابتسامة، قائلين: (صدقت ورب الكعبة)؛ لما يرون فيها من أمورٍ  نفسيِّةٍ مَرُّوا – ويمرون- بها، أمورٍ من المسكوت عنه، الذي لا يُذكر في كتبٍ ولا تشمله مراجعُ، وإنما مورده الوحيد يتمثل في نصائح أستاذٍ لتلميذه، أو زميلٍ من السابقين لآخر من الشداة، أو أثناء المسامرات والمناقشات الجانبية، والمكالمات الهاتفية بين الزملاء الذين يشكون حالهم في تلك الرحلة البحثية الشيقة والشاقة في الآن ذاته.

والله من وراء القصد وهو يهدي إلى سواء السبيل،،

 

اظهر المزيد

ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
ArabicEnglishGermanUrdu