حقوق النشر محفوظة لموقع كنوز العربية

مقدمة بحث (نظرية الحقول وأثرها في الدراسات اللغوية) بقلم أ.د/ عصام فاروق

مقدمة نظرية الحقول

مقدمة:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه، وبعد،،

فمن اتجاهات الدرس اللغوي العربي المعاصر العملُ على تأصيل بعض النظريات اللغوية الغربية الحديثة من واقع تراثنا العربي الثريِّ بكثير من الممارسات اللغوية والتطبيقات العملية الفذة، التي تُظهر ما للعرب من سبقٍ وريادةٍ في بعض مجالات الدرس اللغوي.

وتكمن أهمية التأصيل في أمور من أهمها: أنه يمثل ربطًا حضاريًّا بين ما توصَّل إليه العرب – كأمةٍ لها حضارتها الضاربة في عمق التاريخ، خصوصًا في مجال الكلمة- وما يصل إليه الغربُ الآن من نظريات، كونه حاملًا مشاعل التقدم الإنساني في العصور الأخيرة في كثير من العلوم. كما تتأتى أهمية التأصيل في ربط حاضر الأمة العربية اللغوي ومستقبلها بماضيها التليد، خصوصًا أن للعربية خصوصيات لغوية، تجعل من الأنجع – في الأغلب- البحث عن حلول لمشكلات درسها اللغوي المعاصر من خلال واقعها اللغوي القديم.

وانطلاقًا من هذه الأهمية فقد بُذلتْ جهودٌ مشكورة في تأصيل كثير من النظريات اللغوية الغربية الحديثة من واقع التراث العربي الضارب في القدم، ومن أهم النظريات التي عمل علماؤنا المحدثون على تأصيلها، وربطها بالتراث العربي – من خلال اتفاقها في بعض الأوجه مع المؤلَّفات العربية التي ترتب مادتها بحسب المعاني والموضوعات- نظريةُ الحقول الدلالية.

لكننا نلاحظ في بعض الممارسات التأصيلية عند البعض نوعًا من التعميم والمبالغة والتناقض، المتمثل في القول بسبق العرب إلى معرفة هذه النظرية، وأرى أن ذلك يتنافى مع الموضوعية المطلوبة ضمن المنهج العلمي الصحيح، فمراعاة التأصيل لا تعني بالضرورة بخس اللاحق حقَّه في الاجتهاد، مادام هذا الاجتهاد لم يقتبسه من غيره، أو لم يسبقه إليه غيره. ولذا أردتُ أن أقف أمام بعض محاولات التأصيل هذه، في محاولة لتحليلها وتقييمها، في ضوء معايير محددة، مستهدفًا الوصول إلى:

  • أسس النظرية وأهدافها، وتطبيقاتها.
  • أوجه التشابه بين النظرية ومعاجم المعاني، وأوجه الاختلاف بينهما.
  • نقد الغلو والمبالغة في نسبة هذه النظرية كليًّا إلى التراث العربي.
  • نقد التفريط المنكر على العرب سبقهم في كثير من جوانب الدرس الدلالي.
  • ما يمكن اعتباره تأصيلًا سليمًا لبعض عناصر النظرية من خلال التراث العربي.

وعَنونْتُ دراستي بـ ( تأصيل نظرية الحقول الدلالية في الدراسات العربية الحديثة- دراسة تحليلية نقدية )، وقسَّمتُها إلى مطالب أربعةٍ، هي:

المطلب الأول، بعنوان: نظرية الحقول الدلالية (النشأة، ومراحل التأسيس).

المطلب الثاني، بعنوان: من محاولات تأصيل النظرية في الدراسات العربية.

المطلب الثالث، بعنوان: المعايير الحاكمة لتأصيل النظرية (دراسة تحليلية).

المطلب الرابع، بعنوان: محاولات تأصيل النظرية ( تقييم ونقد).

اظهر المزيد

ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
ArabicEnglishGermanUrdu