حقوق النشر محفوظة لموقع كنوز العربية

قصيدة (لغة العيون) شعر أ.د/ عبد الحميد بدران

أستاذ الأدب والنقد ووكيل كلية اللغة العربية بالمنصورة- جامعة الأزهر

غجرية

بي كلما أبصرت رقّتها حنينٌ

للضياء إذا بدا في الوجه نورا .

وبيَ اشتياق

لليالي الحالكات الشعر

إن مالت على ولهٍ وتهيام بدورا.

وبي اندهاش

للخطى الغجرية الوسنى رؤى

 كالحاملات الوِقْر إن ضنت غرورا.

في عينها

شرفاتُ ما أ خشاه من موج

ونجم سارقٍ في ليله شغف الصبايا.

فيها اشتهاء الآن والآتي

ورعشات الفراشات

التي ذابت بأضواء الثنايا .

ومعي غرام

لا يفارق لهفتي للثورة الأنثى

إذا سالت على ولهٍ حكايا.

عند انتهاء الموج كانت عينها

 السكرى التي ذابت هياما

 تنثر النجوى حنينا .

والماء يصفو

كلما مسّ الجبين العفّ

ينداح اشتياقا للحكايا

كلما سالت يقينا.

كانت تمشط شعرها

بالأمنيات الساكنات القلب

مذ كانت جنينا .

وأنا على مدد الوداد

أصوغ أثواب اللقاء

وأرقب الواشين فوق الغصن خوفا .

تلهو بي الأفكار والشطآن

 وامرأة على بحر الحنين

أريدها فتمرّ طيفا.

غجرية العينين

لم تحفظ من الودّ القديم

سوى براءة طفلة لم تدر كيفا .

غجرية العينين

من ألقى ابتسامة ثغرها

في شرفة العينين والشفتين منّي؟.

وأنا أصارع مسها المخبوء

 في لغة العيون الناعسات

كأنه من مس جني.

وأنا أحاول فضّ ثورتها عليّ

بألف نظرة رقة

تُبقي على جمر التمني.

(من أنت يا غجرية العينين)

 يا كلما راوغت فيك القلب

في العينين دقّا.

أنثى من الياقوت

يكسو وجهَها عبقُ السنين

فمن أقام بطيفها أضناه شوقا.

 أنثى إذا مر الزمان بحسنها

أمسى أسيرا

ينزف الكلمات من عينيه رقّا .

(من أنت؟)

ما زال السؤال معلقا

بالوردة الأولى التي شهدت عليّا.

غجرية

يا للغرام إذا كساه الصدّ إصرارا

 فألهب بالنواعس مقلتيّا.

(من أنت؟) لم تنطق حروفا

بل أضاء الكون من حولي

كأنْ أوحِي إليّا.

ردّت ذوائبُ ما يباح

من الكلام الغض

والتفتت فأغرت مبسمي.

سكرى تُدير الحرف

 لا يقوى على بُعد اللَّمى

وأنا أصيح: تكلمي.

من أيّ جينات العذوبة

من رأى طرفا

يذيب بكارة الحرف المتيم في فمي .

قالت لعيني لا تنامي الليل

 عندي ما تطول له الحكايا

في أحاديث المآقي.

وأنا أردد للمساء الحر ّ

ما قال الفراش لوردها المرويِّ

من قُبل السّواقي.

يا ليتها …

لكنّ وردتها بجيبي لا تزال

فمن يقيم الليل في حضن اشتياقي؟

بي كلما أبصرت رُفقتها

حنين للسؤال

عن الملائكة التي منها تكونْ.

وبي انتشاء لاستراق السمع

حين سماؤها تغضى حياء

لاختراقات الجفونْ.

وبي انجذاب جاهلي الطبع

للعين التي سلبت فؤادا

لم يكن أبدا خؤونْ.

غجرية

كانت تمشط شعرها الغافي

 بأنسام الربيع وبالليالي الحانيهْ.

يا ليتها قالت

وما تركت فؤادي للعيون النُّجل

 تجرح باللواحظ عاتيهْ.

يا ليتها سالت حكايا

فاستراح الطفل في شفتي

بريئا ثم ردد : ما ليهْ.

هلكت أحاسيسي القديمةُ

 نزّلت فيها الحروف سكينة

 قد أفرغت في العين سحرا.

غرستْ فسائل عشقها

لغة وسرّا لم يزل

في لهفة الأحداق والنظرات سرّا .

لغة كأن الله

قد أوحى إليها أن تكون

فكانت العينان للعينين جسرا .

سالت حروفا

قاتلات المرء من حرّ اشتياق الماء

في أنفاس صيفِ.

سالت جوى

تلك العيون الناعسات

فأي شوق من لهيب الجوف يكفي.

طوت الكتاب

 تنهدتْ نظرت إلى الشّباك

 يا ويلاه من حَلاك عينًا بعد كفِّ.

مرّت على شفة الكلام

 كما يمر الطيفُ

حرفا ما له من فيض رقتها سماءْ.

ومضى اسمها

نغما بأنفاس الكلام

يضيء في الأعصاب حرفا لا يضاءْ.

همست لجارتها

بأطراف اللّمى وتنفستْ

وأنا أرتب وقعها بنواظري توق البقاءْ.

وأنا أحاول فضّ سطوتها عليّ

 وكلما راوغت

قال القلب منّي قاتلهْ.

أنا من تراب

 والعيون النجل من لهب الحنين

الصبّ تجرح وابلهْ.

أنا من تراب ويله إن بات

والليلات إن يوما رجاها

سوف تهتف راحلهْ.

أشتاق ما أشتاق

يا نجوى الحروف لعينها

وفسائل الشوق التي أنبتن فيها .

أشتاق رقتها

إذا قالت بعين

فاستمعت النبض في عينيّ يهتف أرتجيها .

أشتاق ماذا إن عتا فيّ الغرام

 فعدت في لغة العيون

بلجنة الفتوى فقيها؟ .

اظهر المزيد

ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
ArabicEnglishGermanUrdu