المصوتات ومناسبتها للدلالة الإفرادية في شرح المثلثات اللغوية (9) [الحمام].. بقلم أ.د/ منى عبد الظاهر الشامي
أستاذ أصول اللغة المساعد بكلية البنات الإسلامية بأسيوط جامعة الأزهر
الحمــام
*يقول الفيروزآبادي في الأزهرية: الحَمام ـ بالفتح ـ : الطائر المعروف([1])، وزيد في نسخة المدينة: «طائر بري لا يألف البيوت, أو كل ذي طوق»([2]), وجاء أن: «الحَمام: هو الطائر المعروف الذي يسكن في البيوت العالية وصومعة المساجد والكهوف»([3]).
بتأمل طبيعة الحَمام ــ بالفتح ــ تجده من الطيور سريعة الحركة خفيفها, ونلحظ عليه الطيران والامتداد والانتشار في الأماكن, وذلك يتناسب مع خفة وامتداد واتساع مصوت الفتح. ويؤكد ذلك وصف الشاعر الحمام بالسرعة حيث قال: (الوافر) :
يُرَيْنَ عَصَائِباً يَرْكُضْنَ رَهْواً | سَوابِقُهُنَّ كالرَّجْلِ القِيَامِ | |
كأنَّ سِرَاعَهَا مُتَوَاتِرَاتٍ | حَمَامٌ باكِرٌ قَبْلَ الحَمَامِ([4]) |
*يقول الفيروزآبادي في الأزهرية: الحِمام ـ بالكسر ـ : الموت([5])، وجاء أن: «الحمام: بكسر الحاء هو الموت الذي لا يبقى أحدًا»([6]).
لا شك أن من أثقل الأمور على النفوس هو الموت, ولا يخفى علينا ما يحدثه في النفوس من الانكسار بسبب الحزن والخضوع, وذلك الانكسار يتناسب مع انكسار الشفة السفلى عن النطق بمصوت الكسر وكذا ثقلها.
*يقول الفيروزآبادي في الأزهرية: الحُمام ــ بالضم ــ : اسم رجل([7]). وزيد في نسخة المدينة: «وبالضم: حُمَّى جميع الدواب»([8]).
نعلم جميعًا أن المرض ولا سيما الحُمَّى أمر ثقيل وصعب على جميع المخلوقات, ومن هنا حدث التناسب بين هذا المعنى وبين ثقل مصوت الضم.
====================
([1]) ينظر: أربع رسائل في شرح مثلث قطرب ص20, 88, 155.
([2]) كتاب الغرر المثلثة والدرر المبثثة,ص411.
([4]) ديوان لبيد بن ربيعة العامري, لَبِيد بن ربيعة بن مالك، أبو عقيل العامري, ص129, اعتنى به: حمدو طمّاس, دار المعرفة, ط1، 1425 هـ – 2004 م.
([5]) ينظر: أربع رسائل في شرح مثلث قطرب ص20, 88, 155.