الفروق الدلالية عند ابن القيم [16] الهم والحزن.. بقلم أ.د/ أحمد علي ربيع

يفرق ابن القيم بين الهم والحزن بعد أن ذكر معناهما العام, فكلاهما الألم الوارد على القلب، فالحزن على ذلك قرين الهمّ, لكن المكروه الذي يرد على القلب إن كان لما يستقبل أورثه الهم, وإن كان لما مضى أورثه الحزن, وكلاهما مضعف للقلب عن السير مضعف للعزم[1]. ويقول أيضا: “فالهم والحزن قرينان، فإن ورد المكروه على القلب، إن كان لما مضى فهو الحزن وإن كان لما يستقبل فهو الهم”[2].

أصل الحزن, خشونة الشيء وشدةٌ فيه, من ذلك خشونة الأرض, وهو ما غلظ منها, ومنه خشونة النفس, وهو ما يحصل لها من الغم, وضده الفرح، ومنه خشونة الدواب أيضاً[3]، يقول صاحب العين: “والحَزْن من الأرض والدواب ما فيه خشونة, والأنثى حَزْنَه”[4].

ويقول أبو هلال: “والحزن: تكاثف الغَمِّ وغلظه, مأخوذ من الأرض الحزْن، وهو الغليظ الصلب”[5]، أما الهم: فيدل على ذوب وجريان ودبيب وما أشبه ذلك, ثم يقاس عليه, منه قول العرب: همني الشيء: أذا بني … وأما الهُمّ الذي هو الحزن – فعندنا – من هذا القياس, لأنّه كأنه لشدته يَهُمُّ: أي يذيب”[6]، وعلى هذا فسّرَه الراغب أيضاً، فالهَمّ – على رأيه – الحزن الذي يذيب الإنسان”[7]، وقد سمي الحزن بذلك لأنه تطول مدته حتى يذيب البدن هماً، واشتقاقه من قولهم أنهَمّ الشحم إذا ذاب[8]. فهو على ذلك نوع من الحزن بلغ من شدته أنه يذيب الإنسان, ويصحبه عادة قلق, ولذلك فسره بعضهم بالحزن والقلق، كما فرقوا بينهما, فالهَمّْ يغلظ النفس, والحزن يقبضها[9].

لقد تعوذ رسول الله صلى الله عليه وسلم منهما معاً, فقال : “اللهم إني أعوذ بك من الهمّ والحزن”.

ويفهم مما سبق أن الملامح الفارقة بين اللفظين ما يلي:

1- الحزن:       

( أ ) خشونة في الشيء             

(ب) ضد الفرح             

(ج) يقبض النفس                  

( د ) يكون لما مضى من المكروه.

2- الهَمُّ:

( أ ) يذيب الإنسان،                    

(ب) يصحبه القلق،    

(ج) يغلظ النفس،                         

( د ) يكون لما يستقبل من المكروه.

======================

[1] مدارج السالكين 1/501 والضوء المنير 5/106

[2] روضة المحبين ص 72

[3] المقاييس 2/54 “حزن” والمفردات ص 123

[4] العين 3/160

[5] الفروق اللغوية ص 282

[6] المقاييس 6/13

[7] المفردات ص 523

[8] الفروق اللغوية ص 282

[9] الكليات للكوفي ص960