حقوق النشر محفوظة لموقع كنوز العربية

المعنى في شروح المنظومات الحديثية- دراسة في بعض شروح منظومة (غرامي صحيح) [3] بقلم د. عمرو عطيفي

مدرس بقسم اللغة العربية وآدابها في كلية الآداب - جامعة القاهرة

الشروح التي تعتمد عليها الدراسة:

1- شرف الطالب في أسنى المطالب([1])، لأبي العباس أحمد بن حسن [أو الحسن وقيل حسين] بن علي الأديب المالكي القسطنطيني([2])، المعروف بابن قنفذ [نسبة إلى جده الخامس] وبابن الخطيب [نسبة إلى جده علي الذي كان يشتغل بالخطابة]، ولد في القسطنطينية بالجزائر، وبها بدأ رحلته العلمية، ثم رحل في طلب العلم إلى المغرب وتونس، وفي المغرب تولى القضاء بمدينة دكالة، وانتهى به المطاف في مكانه الأول قسطنطينية، وولي قضاءها، ولد عام (740هـ)، وتوفي عام(810 هـ)، بعد أن خلف مصنفات في علوم كثيرة تزيد على ثلاثين مؤلفًا: الفقه وأصوله، والحديث وعلومه، والنحو، والعروض، والمنطق، والهيئة وعلم النجوم، والحساب، والتراجم والتاريخ والسير، وغيرها.

وكتابه شرف الطالب في أسنى المطالب، هو شرح مختصر لمنظومة ابن فرح الإشبيلي، لكنه اقتصر فيها على شرح ستة عشر بيتًا، ويهتم فيها ابن قنفذ بالجانب اللغوي اهتمامًا كبيرًا بشرح الألفاظ وبيان دلالاتها، ويتميز هذا الشرح دون غيره بإعراب الأبيات إعرابًا كاملًا، “وأحيانًا يذكر خلاف النحاة في مسألة نحوية”([3])، ولا غرو في ذلك فقد صنف ابن قنفذ فيما صنف كتابه النحوي (هداية السالك في بيان ألفية ابن مالك)([4]).

2- البهجة السنية في حل الإشارات السنية- شرح منظومة غرامي صحيح في مصطلح الحديث([5])، للفقيه الأصولي الفرضي الميقاتي أبي عبد الله شمس الدين محمد بن إبراهيم بن خليل التَّتائي المالكي المصري([6])، ينسب إلى (تتا) إحدى قرى محافظة المنوفية بمصر، ولي القضاء بمصر، ونعت بقاضي القضاة، واختلف في سنة وفاته، فقيل: (937هـ)([7])، وقيل: (940هـ)، وقيل وعليه أكثر المحققين: (942هـ)([8]). قدم التتائي للمكتبة العربية مصنفات في علوم شتى: الحديث والفقه والفرائض والحساب والميقات، وقد وهب التتائي “أغلب حياته في خدمة كتاب الله وتفسيره، وخدمة الحديث النبوي وشروحه والعناية”([9])، من ذلك شرحه لمنظومة ابن فرح الإشبيلي المشتملة “على أنواع كثيرة من فن الحديث، ولم يعرف [أي ابن فرح] شيئًا منها، وإنما أشار إلى أسمائها”([10])، وقد أولى التتائي للجانب اللغوي اهتمامًا في شرحه، فلا يبين ما اشتمل عليه البيت من فنون الحديث حتى يستوفي معانيه اللغوية، كما اهتم بالشواهد الداعمة لما يقرر من دلالات وإن لم يكن من المكثرين للشواهد، فلم تتعد شواهده عشرين شاهدًا، أكثرها شعرية (9 شواهد) وقرآنية (8 شواهد)، كما ذكر أثرًا، ومثلًا.

3- الملح الغرامية شرح منظومة ابن فرح اللامية([11])، لأبي العون شمس الدين محمد بن أحمد بن سالم السفاريني([12]) نسبة إلى سفارين من قرى نابلس، الفقيه الأصولي الحنبلي الصوفي، ولد عام (1114هـ)([13])، رحل إلى دمشق وأخذ عن علمائها الحديث والفقه والفرائض، ثم عاد إلى موطنه ودرَّس فيه وأفتى، وتوفي عام (1188هـ)، وقد ترك عددًا من المصنفات الجليلة في الفقه والحديث والتراجم والسيرة وغيرها.

وقد شرح السفاريني منظومة ابن فرح الإشبيلي لما رأى اقتصار من شرحها من العلماء السابقين “على بيان المراد منها والسلام، وسكتوا عن حل معانيها البديعة، وكلمتها البليغة الرفيعة”([14])، وقد أشار السفاريني إلى أهمية الجانب اللغوي في وضوح المعنى.

4- الشرح المليح على مقدمة غرامي صحيح[15]، للإمام محمد بن محمد بن أحمد بن عبد القادر بن عبد العزيز([16]) السنباوي [نسبة إلى سنبو من قرى منفلوط بمصر] الأزهري المالكي المغربي، المعروف بالأمير نسبة إلى جده أحمد الذي كانت له إمرة في الصعيد، تعلم في الأزهر، وأصله من المغرب، ولد عام 1154هـ) بمصر، وتوفي عام (1232هـ)، له مصنفات عديدة أكثرها حواش وشروح، في الفقه والحديث والتفسير والنحو والبلاغة. من شروحه شرحه لمنظومة ابن فرح الإشبيلي، ويتميز شرح المالكي بفرائد؛ إذ لما كانت المنظومة غزلية في حب المحبوب النبي ص، حديثية المضمون في ذكر أنواع الحديث، ولما تضمنت من ألوان البديع التورية، بدأ كلامه قبل الشروع في الشرح بخمس فوائد([17]): الأولى- ترجمة للناظم، والثانية تعريف وشرح للمصطلح البلاغي التورية لما تضمت المنظومة من هذا الفن البديعي، والثالثة في العشق وذكر جملة من الآثار والحكايات المتعلقة بهذا الفن، والرابعة تعريف لعلم الحديث رواية ودراية، وذكر المعاني المتقاربة الحديث والأثر والخبر، ثم بين الفرق بين السند والمتن، والخامسة في معنيي القصيدة الغزلي والمصطلحي، يقول: “لا تخفى المناسبة بين المعنيين في القصيدة، فإن أحدهما متعلق بحب المحبوب، والثاني بمصطلح حديثه”([18]).

وأما الشرح فقد بدأه المالكي بجملة من المعلومات اللغوية المهمة، وقد يتخللها بعض جوانب الإعراب، قبل بيان ما يشمله البيت من أقسام للحديث.

================

([1]) طبعته مكتبة الرشد بالرياض، بتحقيق عبد العزيز صغير دخان، ط1، 2003م. وسنختصره بـ (شرف الطالب).

([2]) راجع في ترجمته: الأعلام، ج1، ص 117- معجم المؤلفين، ج1، ص 120- هدية العارفين، ج1، ص 217- مقدمة تحقيق شرف الطالب في أسنى المطالب، لعبد العزيز دخان، وهي مقدمة جليلة مفيدة.

([3]) شرف الطالب، ص 47.

([4]) في هدية العارفين: شرح ألفية ابن مالك، (هدية العارفين، ج1، ص 217).

([5]) صدر ضمن سلسلة ذخائر مجلة الوعي الإسلامي (22)، التابعة لوزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت، بتحقيق تركي محمد حامد، ورياض منسي العيسي، 2019م. وسيختصره البحث بـ(البهجة السنية).

([6]) انظر في ترجمته:

– الزركلي: الأعلام، بيروت، دار العلم للملايين، ط15، 2002م، ج5، ص 302.

– هدية العارفين، ج2، 1955م، ص 236.

– معجم المؤلفين، ج3، ص 26.

– التعريف بالتتائي لمحققي كتاب البهجة السنية، ص 15: 20.

([7]) معجم المؤلفين، ج3، ص 26. وقد أشار المؤلف إلى اختلف سني وفاته في الهامش.

([8]) حاجي خليفة: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1941م، ج2، ص 1628- الأعلام، ج5، ص 302- هدية العارفين، ج2، ص 236.

([9]) البهجة السنية، من كلام المحققين، ص 18.

([10]) البهجة السنية، من مقدمة التتائي، ص 24.

([11]) طبعته دار بن حزم ببيروت، بتحقيق سامي أنور جاهين، ط1، 1996م. وقد ذكره صاحب كتاب هدية العارفين: المنح الغرامية شرح منظومة ابن فرح اللامية، (هدية العارفين، ج2، ص 340)، وفي كتاب معجم المؤلفين: (الملح الغرامية على منظومة ابن فرح اللامية أي غرامي صحيح)، (معجم المؤلفين، ج3، ص 65). وسنختصره بـ (الملح الغرامية).

([12]) راجع في ترجمة السفاريني:  الأعلام، ج6، ص 14- هدية العارفين، ج2، ص 340- معجم المؤلفين، ج3، ص 65- ترجمته في كتاب الملح الغرامية، ص 70.

([13]) وفي هدية العارفين عام 1144ه، (هدية العارفين، ج2، ص 340).

([14]) الملح الغرامية، ص 18.

([15]) ضمن كتاب أربعة شروح لمتن غرامي صحيح، تحقيق هشام بن محمد، بيروت، المكتبة العصرية، ط1، 2010.

([16]) راجع في ترجمة الأمير المالكي: الأعلام، ج7، ص 71- هدية العارفين، ج2، ص 358- معجم المؤلفين، ج3، ص 139. ولم يذكر صاحبا الأعلام وهدية العارفين شرح المالكي على المنظومة.

([17]) راجع الملح الغرامية، ص 24: 32.

([18]) الشرح المليح، ص 32.

اظهر المزيد

ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
ArabicEnglishGermanUrdu